أعلنت الجمعية العامة يوم 25 /نوفمبر اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ودعت الحكومات والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية إلى تنظيم أنشطة في ذلك اليوم تهدف إلى زيادة الوعي العام بتلك المشكلة (القرار 54/134 المؤرخ 19 كانون الأول/ديسمبر 1999). وقد درج أنصار المرأة على الاحتفال بيوم 25 /نوفمبر بوصفه يوما ضد العنف منذ 1981. واستمد ذلك التاريخ من الاغتيال الوحشي في سنة 1961 للأخوات الثلاثة ميرابال اللواتي كن من السياسيات النشيطات في الجمهورية الدومينيكية، وذلك بناء على أوامر الحاكم الدومينيكي رفاييل تروخيليو.
وانطلاقا من قرار المجلس الاقتصادى والاجتماعى عام 1990 والذى نص على ضرورة وجود خطوات فاعلة تمنع حدوث العنف ضد المرأة ، وقرار المجلس الاقتصادى والاجتماعى عام 1991 الذى يوصى بضرورة وضع صك دولى يتناول صراحة قضية العنف ضد المرأة ، وقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 48/104 لسنة 1993 " اعلان بشأن القضاء على العنف ضد المرأة " وانطلاقا من الحملة العالمية لمكافحة ممارسة العنف ضد المرأة وتماشيا مع اهداف الالفية ، واستمرارية هذه الحملة العالمية حتى عام 2015 ومناشدة السيد / بان كى مون الامين العام للامم المتحدة لزعماء العالم لقيادة حملات وطنية لمكافحة العنف ضد المرأة
فان العنف ظاهرة اجتماعية واكبت المجتمعات وتطورها منذ بدء الخليقة وإلى الآن ، واختلفت نظرة المجتمعات لهذه الظاهرة على مر العصور ، فمجدت هذه الظاهرة من قبل بعض المجتمعات حيث اعتبرت عنوانا للقوة والتسلط والنفوذ ، وأدركت مجتمعات أخرى خطورة ظاهرة العنف ونظرت إليها بوصفها مشكلة اجتماعية خطيرة يجب محاربتها والقضاء عليها. ومن المؤكد ان العنف يمارس في مواجهة المرأة في مجتمعنا إلا أن حالات نادرة من ضحايا العنف يلجأن إلى القضاء ،،، وظاهرة العنف ليس محدودة بل منتشرة وهي مشكلة اجتماعية
وتلعب المنظمات غير الحكومية دورا رئيسيا في مساندة النساء ضحايا العنف و في مصاحبتهن في كل فعل يردن القيام به و الوقوف الى جانبهن
و الملاحظ أن من اهم مظاهر المساندة التي يمكن ان تقوم بها هذه المنظمات هو تشجيع النساء على كسر جدار الصمت على العنف و حثهن على الخروج من العزلة
إذ عادة ما تفكر النساء أن العنف المسلط عليهن هو حالة شاذة منفردة و تخشى التصريح بآلامها و عندما يكون العنف ممارس داخل الفضاء العائلى تفضل النساء ملازمة الصمت بدلا من فضح اسرار عائلية و خاصة
أما عندما يتعلق العنف بالأطفال و البنات خاصة و يأخذ مظهر التعدي الجنسي و سفاح القربى من قبل الأب او أحد افراد العائلة فعادة ما تجد الأم نفسها مجبرة على كتم السر خوفا من الفضيحة و المس من شرف العائلة
و كذلك الشأن بالنسبة للاغتصاب الزوجي الذي يمارسه الزوج على زوجته إذ تبين الشهادات أن النساء يخفن من التعبير عن العنف المسلط عليهن لان العائلة تقف بصفة عامة إلى جانب الزوج مطالبة الزوجة بالقيام بوجباتها الزوجية حتى و أن كان ذلك بالإكراه
نفس الشيء نلاحظه عند النساء الواتي تعرضن إلى تحرش جنسي في أماكن العمل .فكثيرا ما تفضل النساء الصمت خوفا من العقلية السائدة التي تحملها مسوؤلية هذه الأفعال و خشية من فقدان العمل بعد تقديم شكوى ضد مرتكب التحرش الجنسي الذي عادة ما يكون المدير المباشر أو زميل من الزملاء
فكسر جدار الصمت يشجع النساء على الخروج من العزلة و الشعور بضرورة الدفاع عن كرامتهن و يمكنهن من البحث عن مساعدة قانونية و نفسية كما يقنعهن بعدم تحمل المسؤولية و الانتقال من وضع الضحية الى المسوؤلة
وعلى النساء المعنفات ضرورة الالتجاء الى المحاكم و الأجهزة الإدارية لتقديم الشكاوى و الدفاع على حقوقهن و على كرامتهن الإنسانية و كسب الثقة في أنفسهن و تجاوز الخوف الذي يحيطهن في بعض الاحيان
لا بد ان نعمل اليوم في اتجاه الدولة لحثها على تناول مسألة العنف المسلط على النساء بصفة جدية و ذلك
* باعتبار العنف ظاهرة اجتماعية تقتضي معالجة صحيحة و ليس مجرد حالات شاذة يكفي التدخل لفائدة هؤلاء النساء لحلها والقيام ببحوث علمية و ميدانية حول هذه الظاهرة
* باعتبار العنف انتهاك لحقوق الانسان للنساء و جريمة ضد إنسانية النساء
* باتخاذ سياسات وطنية للقضاء على العنف و تطوير الاساليب الوقائية و التصدي لكل التبريرات السياسية و الثقافية و الدينية التي تشرع استعمال العنف
* بوضع قانون خاص لحماية النساء المعنفات مهما كان المجال الذي يمارس فيه العنف لتفادي نقائص القانون الذي لا يهتم بهذه المسألة إلا في حالات معينة و لرفع الحصانة التي تحيط بعض مرتكبي العنف
* بمعاقبة مرتكبي العنف و حماية الشهود و تخفيف الادلة حتى يسهل تقديمها و تعتمد عند إصدار الأحكام
* بحماية النساء ضحايا العنف لكي لا تتحول من وضع الضحية الى وضع المتهمة و تنتهك حقوقهن
* بتوفير المساعدة المادية و النفسية والقانونية و تقديم الخدمات الصحية و العلاج للنساء المعنفات
* بالمصادقة على الاتفاقيات الدولية التي تتعلق بحقوق النساء و خاصة الاتفاقية الدولية الخاصة بالغاء كل مظاهر التمييز المسلط على النساء و البروتوكول الاختياري الملحق للاتفاقية حتى يسهل تقديم الشكاوي لدى لجنة السيداو عنذ انتهاك حق من الحقوق التي أقرتها الاتفاقية
* بتبني تعريف العنف كما حدده الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة المسلط على النساء و التعريف بكل الصكوك و الاليات الدولية المتعلقة بالموضوع مثل المقررة الخاصة بالعنف اسبابه و نتائجه لدى لجنة حقوق الانسان
* بتمكين المنظمات غير الحكومية من كل الامكانيات و كل وسائل الاعلام لتنظيم الحملات الوقائية ، فاذا شرعنا في العمل على قضاء العنف المسلط على النساء نكون حققنا شوطا في احترام كرامة النساء وتحقيق المساواة بين الجنسين
التقدم الحقيقي...
وفي غضون ذلك، دعا أمين عام الأمم المتحدة رسالة إلى جميع أفراد المجتمع للاتحاد من أجل رفع التوعية حول مخاطر تعنيف النساء والفتيات.
وأشار السيد بان إلى التقدم الحقيقي الذي يشهده المجتمع في هذا المجال الذي لم يعد يقتصر على اهتمام المنظمات النسائية، ولكنه أضاف:
"التحدي الذي يواجهنا الآن هو الحفاظ على التقدم المحرز، ووضع خطط جديدة لبدء مشاريع جديدة، لجمع قواتنا، بحيث يمكن أن نلتقي مرة أخرى في العام المقبل لمناقشة نجاحاتنا؟ ما تعلمناه منها؟ وكيفية التأكد من أنها يمكن أن تؤثر عالميا، لأنه ليس هناك بلد في مأمن من هذه المشكلة."
وذكر الأمين العام أن صندوق الأمم المتحدة الانمائي لإنهاء العنف ضد المرأة مستعد لسماع أفكار ومقترحات جديدة في هذا المجال، داعيا المنظمات الحكومية وغير الحكومية ومكاتب الأمم المتحدة القطرية إلى طلب الحصول على تمويل لدعم مشاريع مبتكرة من شأنها أن تساعد في إنهاء العنف ضد المرأة.
انضمام الكويت إلى اتفاقية...
من جهته، أكد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالإنابة مبارك العدواني أن المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة في مجالات الحياة جزءان أساسيان من تطور وتقدم أي مجتمع، مشيراً إلى أن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) بمنزلة أداة قيمة لتمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين، باعتبارها تشتمل على المعلومات التي تساعد النساء على التقدم في الحياة العامة والخاصة، فضلا عن تقييدها لأية ممارسات تمييزية، لا سيما العنف ضدها.
وقال العدواني في كلمة القاها خلال افتتاح ورشة عمل «اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة» التي ينظمها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا) والتي أقيمت في مقر الأمم المتحدة بمنطقة مشرف إن «الاتفاقية المذكورة آنفاً اعتمدت من قبل الأمم المتحدة بهدف وضع جدول أعمال للقضاء على التمييز على أساس الجنس، لا سيما أن (سيداو) ينظر اليها باعتبارها الشرعية الدولية لحقوق المرأة، وتحتوي على 30 مادة تحث الأمم على تعزيز حقوق المرأة، بما في ذلك المشاركة السياسية والصحة والتعليم والعمالة والزواج».
تحفظات...
وأضاف ان «الدول تلتزم بمجرد الموافقة على الاتفاقية باتخاذ خطوات جادة لوضع حد للتمييز ضد المرأة، وقد انضمت الكويت إلى هذه الاتفاقية في عام 1994، وأصبحت ملتزمة قانونياً تنفيذ بنودها، لا سيما انه يتوجب عليها تقديم تقارير وطنية مرة كل 4 سنوات لإظهار التزامها»، مشيراً إلى أن ثمة بعض التحفظات من قبل الكويت على بعض بنود الاتفاقية على أساس ديني ووطني، معرباً عن أمله من خلال ورشة العمل توفير الأدوات لاستخدام هذه الاتفاقية للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة.
وأعرب العدواني عن سعادة برنامج الأمم المتحدة بالتعاون مع (الاسكوا) التي تعمل على تحسين وضع المرأة العربية وتمكينها اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، عبر تقديم الدعم الفني للبلدان الأعضاء في صياغة تدابير عملية، ورفع درجات الوعي وتوفير المساعدة التقنية وبناء الأجهزة الوطنية للمرأة، والمنظمات غير الحكومية، إضافة إلى النهوض بالمرأة العربية وتقليص مساحات الخلل في التوازن بين الجنسين، مشيراً إلى أن هذه الورشة تتزامن مع اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يوافق 25 نوفمبر من كل عام.
كرامة المرأة ...
وبدوره، قال رئيس الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان المحامي علي البغلي: «تعقد هذه الورشة الخاصة بالقضاء على التمييز ضد المرأة في الكويت، ونحن نشهد تطور دور المرأة في شتى المجالات، لا سيما أن ثمة العديد من القضايا التي لا تزال تتطلب معالجات حتى يتسنى لنا القول ان أشكال التمييز ضد المرأة في هذه البلاد ولت من غير رجعة». وشكر البغلي اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا) على تقديم الدعم الفني، وتدريب المشاركين والمشاركات في هذه الورشة، معرباً عن أمله ان تكون هذه الورشة فرصة للتعرف على مواد ونصوص المعاهدات الدولية للقضاء على التمييز ضد المرأة، لا سيما تلمس التحفظات التي أبدتها الدول العربية من بينها الكويت وكيفية العمل على تطبيقها بما يحقق الكرامة للمرأة.
30 مادة ...
من جانبها، عرفت المستشارة الاقليمية لقضايا النوع الاجتماعي عايدة أبوراس الـ(سيداو) بالمعاهدة الدولية المكرسة لحقوق المرأة، ووقف التمييز ضدها، مشيرة إلى أن الاتفاقية تتكون من 30 مادة، اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وعرضتها للتوقيع عام 1979، وتم بدء العمل بها عام 1981، وتدعو إلى منح المرأة حقوقها في مناحي الحياة كافة.
وقالت أبوراس: «تلتزم الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية بالمساواة في انظمتها القانونية بين الجنسين، والغاء القوانين كافة التي تميز بينهم، لا سيما تبني قوانين تمنع التمييز ضد المرأة، مع ضمان إزالة جميع ممارسات التمييز من قبل الأشخاص والمؤسسات، وتقديم التقارير في موعدها»، مشيرة إلى أن الدول العربية كافة عدا الصومال والسودان صدقت على الاتفاقية مع التحفظ عن بعض البنود.