روما - تستعد عاصمة ايطاليا والحضارة والفنون الغربية والمسيحية لاستضافة معرض (الفن في الحضارة الاسلامية) يوم غد الجمعة وذلك داخل أعرق متاحفها في حدث ثقافي غير مسبوق يؤكد قدرة الابداع الجمالي وتراثه على إنارة مسيرة الانسانية ودور الكويت في الحفاظ على إشعاعه.
ولاستضافة المعرض العالمي المتنقل الثالث لدار الآثار الاسلامية في قاعات متحف (سكودريا ديل كويرينالي) الملحق بالقصر الجمهوري أهم متاحف العرض الفني بمدينة روما عاصمة الجمال دلالة بالغة على المستوي الفني والرمزي ومستوى العلاقات بين الكويت وايطاليا.
فعلى المستوى الفني يمثل تنظيم المعرض في قاعات المتحف العريق الذي يعتبر قبلة عشاق الفن والثقافة الذين يتوافدون من أنحاء ايطاليا وأوروبا والعالم كل عام على مدينة روما تقديرا واعترافا بالقيمة الفنية الفريدة لمقتنيات المعرض.
كما تأتي اقامة المعرض بروما رمز الحضارة والمسيحية في هذه اللحظة التاريخية الحساسة بما يحتويه من كنوز ونماذج حية على الرقي الحسي والثقافي والانساني والعلمي على مدى ألف عام وامتداد قارات العالم الثلاث الأقدم التي نسجت فيها الحضارة الاسلامية السمحة لغة جمالية سامية كأبلغ رد على مساعي الفتنة والصراع الاجرامية الخبيثة.
أما على صعيد العلاقات الخاصة والمتميزة بين الكويت وايطاليا فيمثل هذا الحدث الاستثنائي برعاية سمو الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء بالتزامن مع مشاركة الكويت البارزة في معرض (اكسبو ميلانو 2015) العالمي ومرور خمسين عاما على العلاقات الدبلوماسية تأكيدا للبعد الثقافي بين ايطاليا بتراثها الفريد والكويت بدورها البارز في "رعاية الارث الانساني والحوار الحضاري".
ويجسد هذه الدلالات الخاصة للمعرض قيام رئيس الجمهورية الايطالي سيرجيو ماتاريللا شخصيا بافتتاحه غدا على رأس كبار المسؤولين الايطاليين مع ممثل سمو رئيس مجلس الوزراء وزير الاعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب والرياضة الشيخ سلمان الحمود والمشرف العام على دار الآثار الاسلامية الشيخة حصة صباح السالم الصباح وسفير دولة الكويت في روما الشيخ علي الخالد الصباح.
ويرى القائمون على متحف (سكوديريا ديل كورينالى) أن المعرض يتيح فرصة نادرة للتعرف والفهم وتربية الحس على الجمال باعتبار ذلك "مهمة معقدة وصعبة في هذ السنوات من التوتر والصدام والصراعات المسلحة التي تشيع البلبلة والشعور بانعدام الامان والخوف غير المنطقي".
وأمام هذه التساؤلات التي يطرحها العالم حول "الرد" الواجب على هذه المآسي والواقع العنيف المحيط والتي لا يكل أصحاب الارادات الحسنة من كل طرف البحث عن درب الحوار والفهم المتبادل والتعارف رغم الاختلافات التي تمثل في حد ذاتها قيمة هامة وهو ما يتجلى في تاريخ الحضارات الاسلامية وفي مقتنيات المعرض الذي اتخذت منه دار الآثار الاسلامية رسالة تآخ وانفتاح تجمع ولا تفرق.
وبعد خمس سنوات من نجاحه الأول في ميلانو تترقب الأوساط الثقافية هذا المعرض الزاخر الذي يضم 363 قطعة من المشغولات والتحف والمخطوطات والأعمال الفنية بينها مجموعة نادرة تعد كنزا من المجوهرات الاسلامية تمثل رسالة ثقافية بليغة حملتها الكويت على عاتقها للتعريف بعمق وأصالة الحضارة الاسلامية وانفتاحها.
وبني قصر (سكوديريا ديل الكويرينالي) الذي تبلغ مساحة قاعاته ثلاثة آلاف متر مربع عام 1722 كمقر لسلاح "الخيالة" الملحق بمقر رئيس الجمهورية فوق قمة (تلة الكويرينالي) أعلى تلال روما السبع التاريخية ومن نوافذه وشرفاته الخارجية يتزاحم الزوار لرؤية أحد مشاهد مدينة روما الفريدة الجمال.
ويطل مدخل (لا سكاودريا) على ساحة قصر الكويرينالي التي يقع عندها مدخل القصر الرئاسي وتتزين بتمثالين عظيمين يمثل كل منهما أحد آلهة الرومان يلجم جوادا جامحا يعود الى القرن الثالث قبل الميلاد استقرا بوضعهما الحالي أمام واجهة الكويرينالي تتوسطهما مسلة مصرية قديمة منذ عام 1768 أضيفت اليها نافورة رخامية ضخمة عام 1818.
ويعد قصر الكويرينالي مقر رئاسة الجمهورية الايطالية وقمة السلطة أقدم القصور الرئاسية في العالم وأحفلها بالتاريخ واقربها الى الناس حيث درج الايطاليون وسياسيوهم على نعته "بالتل الاعلى" الذي يتربع بالفعل على أعلى تلال روما القديمة منذ القرن الرابع قبل الميلاد.
وقرر الرئيس ماتاريللا منذ 23 يونيو الماضي تحويل القصر الرئاسي الى متحف عام مفتوح للجمهور لمشاهدة روائع محتوياته وقاعاته الشهيرة وحدائقه الغناء على مدى خمسة أيام أسبوعيا على أن يقتصر استخدامه الرسمي على يومين في الأسبوع.