دعا العربية في افتتاح أعمال مؤتمر القمة العربية الـ 25 "، إلى العمل على تنقية الاجواء العربية وإزالة الخلافات واعلاء المصالح العربية الكبرى فوق أي اعتبارات أخرى.
وقال العربي إن هذه القمة تنعقد تحت شعار التضامن من اجل مستقبل افضل، ونتطلع الى ترجمة هذا الشعار إلى خطوات ملموسة لتجاوز المرحلة الحرجة التي تواجه العلاقات العربية ـ العربية "، مطالبا في هذا الصدد بضرورة التعامل بشفافية وواقعية مع الاسباب الحقيقة لما تشهده العلاقات العربية ــ العربية من توترات تهدد مستقبل المنطقة ووحدة شعوبها واستقرارها الأمني وتنعكس بالسلب أيضا على الدور المناط بجامعة الدول العربية وقدرتها على التعامل الفعال مع الاحداث الكبرى التي تمر بها المنطقة.
ولدى إشارته إلى ملف الأمن القومي العربي ، أقر بأنه مازال يواجه تحديات كبيرة بعضها رافق نشأة النظام الاقليمي العربي ومؤسسة جامعة الدول العربية ، وأخرى استجدت مع رياح التغيير التي هبت على المنطقة منذ ثلاث سنوات.
وفي معرض تناوله القضية الفلسطينية، اعتبرها من أهم التحديات أمام الامة العربية، كما أكد في الوقت نفسه أن العالم أجمع لن ينعم بالسلام إذا لم يتحقق الانسحاب الاسرائيلي الشامل من كافة الاراضي العربية المحتلة والاقرار بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية والحفاظ على حقوق اللاجئين وذلك وفقا لقرارات الشرعية الدولية.
وفي إطار المشهد نفسه ، أكد الامين العام للجامعة العربية أن الجهود التي تبذلها الإدارة الامريكية في الفترة الأخيرة على صعيد عملية السلام لم تسفر حتى الآن عن نتائج ملموسة، مرجعا سبب ذلك إلى سياسة التسويف وكسب الوقت التي تتقن اسرائيل استخدامها لمواصلة عمليات التهويد والاستيطان في الاراضي المحتلة.
ومن هذا المنطلق، حث على دراسة البدائل والخيارات التقليدية كاللجوء الى مجلس الأمن والاجهزة الدولية، وغير التقليدية إذا ما استمرت إسرائيل في محاولات إفشال الجهود الجارية، منها التركيز على أن الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين يمثل نظام "ابارتيد" جديد وهو آخر معاقل الاستعمار في القرن 21 ويسير ضد حركة التاريخ ، إلى جانب التركيز على استحالة استمرار الوضع القائم في الأراضي الفلسطينية .
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، وصفها بأنها من أكبر المآسي التي تعرض الامن العربي للخطر، مشددا على ضرورة ايجاد حل سياسي تفاوضي يحقق تطلعات الشعب السوري ويحافظ على استقلال سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها .
وتابع العربي قائلا "إن الازمة السورية تلقي بتأثيرات كارثية على مجمل الاوضاع في المنطقة ، وأصبحت أكبر مأساة في القرن الـ 21 ، حيث خلفت أكثر من 130 ألفا من الضحايا وغيرهم من الجرحى والمفقودين والمعتقلين وملايين المشردين من السوريين إضافة الى ما تتعرض له البنية التحتية للدولة السورية وإرثها الحضاري واقتصادها"، لافتا إلى أنه على الرغم من إدراك الجميع على المستويين الاقليمي والدولي لفداحة الازمة السورية إلا أن بلورة حل تفاوضي لها لايزال بعيد المنال، كما لايزال مجلس الامن الدولي عاجزاً عن إصدار قرار بوقف اطلاق النار.
وأوضح أن وصول مفاوضات / جنيف 2 / بين النظام والمعارضة إلى طريق مسدود يعود إلى تصلب موقف الحكومة السورية ورفضها الانخراط في مفاوضات جدية تفضي إلى تشكيل هيئة حاكمة ذات صلاحيات تنفيذية كاملة، وهو الحل المطلوب للازمة السورية وفقا لمقررات /جنيف 1 / . ودعا الأمين العام للجامعة الائتلاف الوطني السوري الى توحيد صفوف المعارضة تحت مظلته، واستكمال تشكيل مؤسساته حتي يكون معبراً عن تطلعات الشعب السوري.
وحول ظاهرة الارهاب، أكد الدكتور نبيل العربي في كلمته امام القمة العربية الخامسة والعشرين ، أن هذه الظاهرة أصبحت تهدد امن واستقرار المنطقة بلا استثناء وتعصف بالمكتسبات التي تحققت الأمر الذي يستدعي اتخاذ الاجراءات والتدابير التي تضمن القضاء على الارهاب واجتثاثه من جذوره ، وتجفيف منابعه والتصدي لعناصر التمويل والمحرضين، وقال " لا يجب أن تقتصر المعالجة على البعد الامني فحسب ، ولكن يجب مواجهة الاطار الفكري للتطرف ".
وشدد على ضرورة محاربة الارهاب من خلال ارساء التعاون الاقليمي والدولي عبر تبادل المعلومات والخبرات وتسليم المتهمين والمحكوم عليهم في جرائم ارهابية، وتوافر ارادة سياسية لتنفيذ الالتزامات التي تعهدت بها الدول اقليمياً ودولياً.
وحول الجهود العربية الخاصة باخلاء المنطقة من الاسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل ، دعا إلى مواصلة هذه الجهود ، لافتا في الوقت نفسه إلى تعرضها دائما للتسويف في ظل رفض اسرائيل الانضمام الى معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية ، وتمسكها بترسانتها الضخمة من هذه الاسلحة التي تمثل تهديداً كبيراً للأمن القومي العربي. وفيما يتصل بالتحديات التي تواجه الدول العربية ، أوضح انها ذات صلة بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية كخفض معدلات الفقر وتدني نوعية التعليم وشح المياه والتصحر وازدياد معدلات البطالة بين الشباب الذي يلعب دورا بارزا في الحراك السياسي والاجتماعي ويتطلب الأمر ضرورة تمكينهم وتوظيف طاقتهم في عمليات بناء وتحديث المجتمعات.
ولدى إشارته إلى الشأن الليبي، أعرب العربي عن تطلعه إلى أن يتمكن الشعب الليبي من توحيد كلمته وتجاوز الصعوبات الراهنة، والمضي قدما في عملية التحويل السياسي السلمي، داعيا الدول العربية الى مساندة ليبيا لتحقيق الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة.
وفيما يتعلق بالمسألة اللبنانية، رحب بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، داعيا في الوقت ذاته إلى توفير الدعم اللازم لها ومساعدتها على تحمل الأعباء الانسانية والسياسية والأمنية جراء استضافة الأعداد المتزايدة من النازحين السوريين.
كما أكد على دعم السودان في مواصلة التقدم المحرز في بناء السلام وإعادة الإعمار والتنمية، لافتا الى التحسن القائم في العلاقات بين الخرطوم وجوبا .
وجدد دعم جامعة الدول العربية لموقف الامارات لإيجاد حل سلمي لقضية جزرها المحتلة من قبل إيران من خلال المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية . وفي جانب من كلمته ، قال الامين العام للجامعة "إن القمة مطروح أمامها مبادرة جديدة تهدف الى تعظيم الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة ، وموضوعات اخرى منها استكمال البرنامج التنفيذي لإعلان منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ، وإزالة العقبات أمام إنشاء الاتحاد الجمركي ، وتشجيع الاستثمارات في مجال قطاع الزراعة والامن الغذائي العربي" .
وأكد أهمية أن تعمل الجامعة بشكل أكثر فاعلية في حفظ السلم والامن في المنطقة العربية، معربا عن أمله في أن توافق القمة في بدء تنفيذ بعض الاصلاحات المعروضة وفي مقدمتها تطوير مجلس الامن والسلم العربي ليصبح أكثر فاعلية ، كذلك سرعة إقرار النظام الاساسي للمحكمة العربية لحقوق الانسان ، وإنشاء محكمة العدل العربية. وأعرب عن ثقته بقدرة الدول العربية على تفعيل المنظمات والاتفاقيات العربية وبناء انجازات ملموسة مثلما فعلت تكتلات اقليمية أخرى ، مقرأ بأن اطر العمل السياسي المعتمدة في الجامعة العربية لم تجد في تنسيق السياسيات العربية على الوجه المنشود، كما أضعفت خلافات الدول العربية من قدرة الجامعة على التحرك الفعال.