فور إعلان الجيش المصري عزل الرئيس السابق محمد مرسي، بدأت الاعتقالات تطال بعض الشخصيات التي تصدرت أسماؤها مرحلة حكم الإخوان المسلمين لمصر، بدأت التسريبات تأخذ طريقها شيئاً فشيئاً، فتم نشر فيديو لمرسي قبل ساعات من إعلان الجيش بيانه، ونشرت صحيفة "الأهرام" ما سمته كواليس الساعات الأخيرة في حكم مرسي.
تقول "الأهرام" إن الرئيس مرسي استشاط غضباً في التاسعة والنصف من مساء الثلاثاء 2 يوليو قبل يوم من خطابه, حينما فوجئ بالكشف عن سيناريو خريطة المستقبل للقوات المسلحة, فطلب على الفور تسجيل خطاب مرتجل للشعب يذيعه التليفزيون المصري, وهو الخطاب الذي بدأ التلفزيون إذاعته في الحادية عشرة و35 دقيقة مساء, واستمر45 دقيقة.
وتكمل الصحيفة أنه في الساعة الثامنة, من مساء الأربعاء, كان الاجتماع الذي دعت إليه القوات المسلحة ما زال منعقدا, والذي ضم إلى جانب القيادات العسكرية شيخ الأزهر, وبابا الإسكندرية, والدكتور محمد البرادعي مفوضا من اتحاد قوى 30 يونيو, وثلاثة من أعضاء حركة تمرد, وعددا من الخبراء الدستوريين والقانونيين, وممثلين للأجهزة الأمنية, والدكتور يونس مخيون رئيس حزب النور, وجلال مرة أمين عام الحزب.
وفي التاسعة مساء, ومن خلال مؤتمر صحافي موسع, حضره كل المشاركين في الاجتماع, أعلن الفريق أول عبدالفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي البيان الذي تم التوصل إليه, والذي تضمن نقل السلطة إلي رئيس المحكمة الدستورية العليا, الأمر الذي يعني عزل رئيس الجمهورية محمد مرسي من منصبه.
إجراءات فورية :
وعلي الفور, اتخذت القوات المسلحة مجموعة من الإجراءات, أهمها نقل الرئيس من دار الحرس الجمهوري, والتحفظ عليه ومعه أسرته في مكان غير معلوم, وتم إبلاغ جميع المطارات والموانئ بالقرار, كما صدر قرار آخر بمنع طائرة الرئيس من التحرك أو الإقلاع, في الوقت الذي تسلمت فيه إدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة مبنى التلفزيون بماسبيرو لإدارته, وقد غادر صلاح عبدالمقصود وزير الإعلام المبني نهائيا حاملا متعلقاته, كما تم وضع خطة تأمين كاملة لمدينة الإنتاج الإعلامي أيضا.
مرسي رفض عرض المغادرة :
رفض محمد مرسي قد رفض عرضاً بمغادرة البلاد إلى اليمن أو قطر أو تركيا, أو إلى أي جهة أخري يحددها, كما رفض إعلان التنحي بمحض إرادته, وهو الأمر الذي جعل القوات المسلحة تستعين بدستوريين وقانونيين لصياغة البيان, بالإضافة إلى كل من شيخ الأزهر والبابا, لضمان الدعم الديني, والدكتور البرادعي كنائب عن القوى السياسية, وثلاثة من أعضاء تمرد عن الشارع المصري, وذلك حتى يخرج البيان معبراً عن الأطياف المختلفة.
وسرعان ما جاء عرض من جماعة الإخوان المسلمين, نقله أحد القادة إلى وزير الدفاع, بأن الجماعة توافق على تنحي الرئيس والابتعاد عن الحكم, إلا أنها تطلب مهلة يومين آخرين للتشاور وتنظيم نفسها, والاستعداد للوضع الجديد, إلا أن العرض وجد رفضاً جماعياً, وتصميماً على الاستمرار في الإجراءات وإعلان البيان.
وتقول "الأهرام" إن السبب وراء تأخير إذاعة البيان أمس, هو خلاف مع حزب النور, الذي كان يصر على عدم تعطيل الدستور, حرصا منه على بقاء النصوص الخاصة بالشريعة الإسلامية, إلا أنه تم الاتفاق في نهاية الأمر على تعطيل العمل بالدستور مؤقتاً.
وقد شهدت الساعات الأولى من صباح الأربعاء 3 يوليو اتصالات مكثفة من الجيش بعدد من القوى والأحزاب السياسية والائتلافات الثورية, جاءت متزامنة مع إجراءات أمنية مشددة على الأرض, تضمنت اعتقال عدد من قادة جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة, في الوقت الذي تم فيه زيادة التأمين العسكري لسيناء, وأنفاق مدينة رفح, وإرسال تهديد واضح لحركة حماس يحذر من محاولات العبث بأمن مصر.
ومن جهة أخرى أجرت القوات المسلحة طوال نهار الاربعاء اتصالات مكثفة بعدد من العواصم الأجنبية والعربية لشرح الموقف بالتفصيل, لضمان التأييد والدعم للتطورات الجديدة، حتي لا يؤخذ الأمر على أنه انقلاب على الشرعية, وذلك بالتزامن مع اتصالات أخرى بسفارات هذه الدول بالقاهرة, وعلم الأهرام أن هناك عواصم عربية ساعدت على نقل وجهة النظر المصرية أيضا إلى العواصم العالمية الكبرى.
وطمأن المتحدث العسكري الشباب الإسلاميين قائلاً لهم: "لا يوجد بين المصريين من يشكك في وطنيتكم وانتمائكم وإخلاصكم".
وجاء في بيان المتحدث العسكري أن "عمق المؤسسة العسكرية المصرية ينبع من عراقة شعبها وقوة شبابه الدافعة".
وتابع البيان: "إلى شباب مصر من التيارات الدينية بمختلف أشكالها وتوجهاتها، لا يوجد بين المصريين من يشكك في وطنيتكم وانتمائكم وإخلاصكم وعطائكم الصادق لصالح هذا الوطن ورفعته، شأنكم في ذلك شأن باقي المصريين".
وأضاف: "نؤكد أن الإجراءات التي اتخذتها القيادة العامة للقوات المسلحة بالتوافق مع عدد من الرموز الدينية والوطنية والشباب لم تكن موجهة على الإطلاق ضدكم، ولم تكن تقليلاً من دوركم ولا مكانتكم في المسيرة الوطنية المصرية".
وشدد البيان على أن "القوات المسلحة لن تسمح بإهانة أو استفزاز أو الاعتداء على المنتمين إلى التيار الإسلامي كجميع أبناء مصر".
وسيؤدي رئيس المحكمة الدستورية العليا المصرية المستشار عدلي منصور اليمين الدستورية كرئيس لمصر الخميس، بعد أن قررت الإجراءات التي أعلنت عنها القوات المسلحة توليه إدارة مصر لحين إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة.
السعودية: الجيش أخرج مصر من نفق مجهول الأبعاد :
وأرسل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رسالة تهنئة إلى الرئيس المصري الجديد عدلي منصور، معتبراً أن "رجال القوات المسلحة أخرجوا مصر من نفق يعلم الله أبعاده وتداعياته".
أما وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد فقال في بيان إن "جيش مصر العظيم يثبت من جديد إنه بالفعل سياج مصر وحاميها ودرعها القوي الذي يضمن لها بأن تظل دولة المؤسسات والقانون التي تحتضن كل مكونات الشعب المصري الشقيق".
وعبّر الأردن على لسان وزير خارجيته ناصر جودة عن احترامه لإرادة الشعب المصري ودور القوات المسلحة الوطني.
واشنطن أمرت بإخلاء سفارة الولايات المتحدة بالقاهرة :
وفي سياق متصل، أمرت واشنطن بإخلاء سفارة الولايات المتحدة بالقاهرة. وأكد السيناتور الديمقراطي الأميركي البارز ليهي أن الكونغرس سيراجع المساعدات لمصر مع انتظاره لاتضاح الصورة بشأن الأحداث. وأضاف أن "القانون الأميركي يفرض قطع المساعدات عندما يطاح بحكومة منتخبة بواسطة انقلاب".
وتميز رد الفعل الفرنسي الرسمي بالحذر الشديد، وبدت كل كلمة في بيان صدر عن لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، مدروسة بعناية حيث جاء في البيان: "أخذنا علماً بقرار إجراء انتخابات جديدة في مصر تسبقها فترة انتقالية، ندعو إلى تحضير هذه الاستحقاقات في ظل احترام السلم الأهلي والتعددية والحريات الخاصة وكذلك احترام مكتسبات مرحلة الانتقال الديمقراطي كي يستطيع الشعب المصري في المستقبل اختيار قادته بحرية".
المصدر:العربية+وكالات