انتقدت جبهة الإنقاذ الوطني في مصر قرارات الرئيس محمد مرسي بفرض حال الطوارئ وحظر التجوال في بعض المحافظات المصرية بعد أحداث العنف الدامي ووضعت ثلاثة شروط بينهما تشكيل حكومة إنقاذ للدخول في حوار مع الرئاسة.
ووصف خالد داوود المتحدث باسم الجبهة في مقابلة مع إذاعة بي بي سي قرارات الرئيس بأنها دليل على عدم قدرته مرسي على إدارة الأمور.
وعبر داوود عن اعتقاد الجبهة بأن حل الأزمة السياسية الراهنة في مصر ليس أمنيا.
وكان الرئيس المصري قد أعلن حال الطوارئ في محافظات السويس والإسماعيلية وبورسعيد لمدة شهر يبدأ من الاثنين مع منع التجوال ليلا.
وتعهد مرسي باتخاذ المزيد من الإجراءات الصارمة إذا لزم الأمر كما قال في خطاب بثه التليفزيون الرسمي مساء الأحد.
واعتبرت جبهة الإنقاذ أن مرسي يتجاهل الواقع القائم على الأرض كالمعتاد وقال داوود إن أراد الرئيس فعلا حماية أرواح المصريين، لكان قد أصدر توجيهاته لحكومته باتخاذ الإجراءات الأمنية المشددة في مدينة بورسعيد قبل صدور الأحكام في قضية مقتل مشجعي النادي الأهلي التي كان موعدها معروفا منذ أسابيع.
ومن المقرر أن يجتمع قادة الجبهة الاثنين لبحث دعوة الرئيس إجراء حوار وطني بشأن سبل الخروج من الأزمة المتفاقمة في مصر.
ومن ناحيته اشترط الدكتور محمد البرادعي رئيس حزب الدستور والمنسق العام لجبهة الإنقاذ الوطني للمشاركة في الحوار أن يتحمل الرئيس مسؤوليته عن الأحداث الدامية ويتعهد بتشكيل حكومة إنقاذ وطني ولجنة متوازنة لتعديل الدستور.
واعتبر البرادعي أنه من دون تلبية هذا الشروط سيكون أي حوار مضيعة للوقت.
غير أن أيمن نور رئيس حزب غد الثورة رحب بالحوار الوطني المقترح وقال إن هناك اتصالات تجري الآن للترتيب له.
على الصعيد الأمني وقعت صدامات بين الشرطة ومئات من المتظاهرين الذين خرجوا إلى شوارع الإسماعيلية بعد إعلان الرئيس حالة الطوارئ.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر طبي قوله إن ستة أشخاص أصيبوا في الصدامات.
وأشارت تقارير أخرى إلى استمرار التوتر الأمني في محافظات القناة التي فرضت فيها حال الطوارئ ومنع التجوال.
نار " البلاك بلوك " تشعل مصر الثورة :
الكتلة السوداء، أو البلاك بلوك هو الاسم الذي اختاره مصريون لأنفسهم في إطار مهام سرية يقومون بها، وربما ينتمون إلى تنظيم سياسي منظم غير معلن لا يمت بأي صله للمتظاهرين المنتمين لتيارات سياسية مختلفة.
بينما كانت الأمور تسير بهدوء أمام قصر الاتحادية الرئاسي، شرق القاهرة، حيث يتظاهر المئات أمام السلك الشائك الذي وضعه الأمن لحماية إحدى بوابات القصر.. ظهر فجأة مجموعة من الشباب يرتدون الأقنعة السوداء قاموا بمحاولات لإزالة الأسلاك، وكانت هذه هي الشرارة التي أشعلت الأحداث، لينصرف بعدها هؤلاء الشباب ويتركون الأمن في مواجهة المتظاهرين.
هذا المشهد الذي كان مراسل الأناضول شاهدا عليه الجمعة، يلخص أسلوب عمل هؤلاء الشباب، الذي يقوم كما تقول سالي المهدي أستاذ علم الاجتماع السياسي، على تفجير الأوضاع، ثم الانصراف بعد تحقيق هذا الهدف.
وينتمي هؤلاء الشباب الذين يسمون أنفسهم باسم الكتلة السوداء أو "البلاك بلوك" إلى تنظيم سياسي منظم غير معلن لا يمت بأي صله للمتظاهرين المنتمين لتيارات سياسية مختلفة، بحسب المهدي التي تضيف: "طريقة اشتباكهم بشكل منظم، ثم انصرافهم – أيضا – بنفس التنظيم، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك من يحركهم".
ولم يكن ظهور هؤلاء الشباب قاصرًا فقط على قصر الاتحادية، بل إنهم كانوا طرفًا مهمًا في أحداث العنف التي شهدتها الإسكندرية، شمال مصر، الجمعة؛ حيث قطعوا طريق الكورنيش بالإسكندرية أمام مسجد القائد إبراهيم، كما قطعوا أيضًا طريق الترام.
وقبلها نظّموا مسيرة من ميدان طلعت حرب إلى ميدان التحرير، يوم الخميس الماضي، قبل الاحتفال بذكرى الثورة، واتجهوا إلى الجدار العازل الموجود في مدخل شارع قصر العيني، المطل على الميدان، حيث ألقوا القنابل الحارقة على قوات الأمن المتواجدة خلف الجدار بالقرب من مبنى مجلس الشورى، ليتسببوا في الاشتباكات الدائرة حتى الآن بين قوات الأمن والمحتجين، كما قاموا – أيضا – بالهجوم على مقر موقع إخوان أون لاين، الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين.
ورغم تعدد هذه الأحداث فإن الأمن لم يقدم معلومة حتى الآن حول ماهية هؤلاء الشباب، وهو ما دفع أستاذ علم الاجتماع السياسي إلى وضع علامة استفهام كبيرة حول مدى كفاءة الأمن المصري في هذه المرحلة.
علامة الاستفهام التي وضعتها المهدي تجد تفسيرًا عند الخبير الأمني اللواء السابق مجدي البسيوني، الذي قال: "نحن أمام خيارين، إما أن هؤلاء الشباب لهم قيادة منظمة، أو أنهم يقلدون الغرب تقليدًا أعمى ويبدو الحسم غير ممكنًا".
وأغلب الظن، كما ذهب البسيوني، أن سلاح هؤلاء الشباب يكمن في كونهم مجهولين، فهم في الغالب لا يحملون بطاقات هوية بحيث يسهل التعرف عليهم إذا وقعوا في قبضة الأمن، ومن ناحية أخرى فهم يتخفون خلف القناع، وبالتالي يصعب تصويرهم خلال الأحداث.
وبداية فك اللغز - بحسب بسيوني - هو إصدار تشريع يحظر ارتداء هذه الملابس، ويعطي رجل الأمن حق القبض على أي شخص يرتديه، حتى ولو لم يرتكب أي جريمة، تماما كما يفعل مع أي شخص لا يحمل بطاقة هوية.
وكانت فكرة "البلاك بلوك" قد ظهرت في ألمانيا عام 1980 ردًا على قمع الشرطة لمتظاهرين يساريين، وظهروا بعد ذلك في مظاهرات شهدتها أمريكا عام 1991 وفي لندن عام 2011 اعتراضًا على خطة التقشف التي أقرّتها الحكومة.
وخطورة هذه المجموعة أنها تؤمن بالعنف ويستخدمون قنابل المولوتوف والحجارة ويميلون لتخريب الممتلكات العامة والدخول في حرب شوارع مع الأمن، وهم فوق كل ذلك لديهم خبرة في الإسعافات الأولوية لتقديم العون الطبي لمن يصاب منهم.
قتلى ببورسعيد عقب أحكام الإعدام :
ودفع لاعبا كرة قدم من أبناء بورسعيد حياتهما ثمناً لأحداث الشغب المندلعة حالياً في بورسعيد حيث لقي كل من تامر الفحلة حارس مرمى فريق المصري السابق الحاصل مع الفريق على كأس مصر 1998 حتفه وكذلك محمد الضظوي لاعب المريخ البورسعيدي وذلك بعد صدور الحكم الخاص بمجزرة بورسعيد وتم نقل الجثتين إلى مشرحة المستشفى الأميري ببورسعيد.
وكان عدد ضحايا الاشتباكات بين المحتجين وقوات الأمن في مدينة بورسعيد شمال شرق مصر قد ارتفع إلى 36 قتيلاً، بينهم اثنان من أفراد الشرطة وأكثر من 277 مصابا بحسب حصيلة أولية اعلنتها وزارة الصحة المصرية.
وتشهد المدينة إطلاق نار كثيف على قسمي شرطة الشرق والعرب وسط مقاومة وتبادل لإطلاق النار بين الشرطة والمتظاهرين.
وبدأت مدرعات الجيش المصري التحرك صوب مدينة بورسعيد شمال شرق مصر للتصدي لأعمال العنف التي تشهدها المدينة الآن بين قوات الأمن وأهالي محتجين على صدور أحكام بالإعدام على ذويهم في قضية إستاد بورسعيد بحسب ما ذكره مصدر عسكري رفيع المستوى بالجيش الثاني الميداني.
هذا وأعلن عن إغلاق كافة الطرق المؤدية إلى وزارة الداخلية في القاهرة كما أعلن الجيش المصري حظر التجول في بورسعيد في وقت أفيد باقتحام متظاهرين مديرية أمن السويس.
ومن ناحية أخرى، سادت حالة من الفرح والابتهاج قاعة المحكمة فور صدور الحكم وتعالت الصيحات المؤيدة للحكم. كما عبر الآلاف من "ألتراس" الأهلي عن فرحتهم بالحكم بإطلاق الشماريخ، ورددوا هتافات مؤيدة للرئيس محمد مرسي.
وحضر المحاكمة 9 من ضباط الشرطة المتهمين في القضية، بينما لم يحضر 61 من المتهمين من رابطة مشجعي نادي المصري البورسعيدي و3 من المسؤولين عن النادي، حيث إنهم محتجزون في سجن بورسعيد العمومي الذي يحيط به أقارب المتهمين ومشجعو النادي المصري منعاً لنقلهم إلى القاهرة.
وحددت المحكمة، السبت، جلسة التاسع من مارس المقبل موعداً لجلسة النطق بالحكم بالنسبة لباقي المتهمين في القضية. ويذكر أن الحكم الصادر ليس نهائياً، بل سيخضع لنظر محكمة النقض.
ردود الأفعال في المحكمة :
وترأس هيئة المحكمة المستشار صبحي عبدالمجيد، إلى جانب عضوية المستشارين طارق جاد المتولي ومحمد عبدالكريم عبدالرحمن. وتم توجيه الاتهام إلى 73 شخصاً، من بينهم 9 من القيادات الأمنية بمديرية أمن بورسعيد، و3 من مسؤولي النادي المصري، متهمين بقتل 72 من عناصر رابطة "ألتراس" الأهلي، عقب مباراة الدوري بين الأهلي والمصري، في الأول من فبراير الماضي.
وواجه المتهمون في القضية، وفق ما ورد بأمر الإحالة، تهم ارتكاب جنايات القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل بعض جمهور فريق النادي الأهلي "الألتراس" انتقاما منهم لخلافات سابقة، وأعدوا لهذا الغرض أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع ومواد مفرقعة (شماريخ وباراشوتات وصواريخ نارية) وقطعا من الحجارة وأدوات أخرى تستخدم في الاعتداء على الأشخاص، وتربصوا لهم في استاد بورسعيد الذي أيقنوا سلفا قدومهم إليه.
وأوضح قرار الإحالة أن المتهمين هجموا إثر إطلاق الحكم صفارة نهاية المباراة على المجني عليهم في المدرج المخصص لهم بالاستاد، وانهالوا عليهم ضربًا بالأسلحة والحجارة والأدوات المشار إليها، وألقوا ببعضهم من أعلى المدرج، وحشروا البعض الآخر في السلم والممر المؤدي إلى بوابة الخروج مع إلقاء المواد المفرقعة عليهم، قاصدين من ذلك قتلهم، فأحدثوا بالمجني عليهم الإصابات الموصوفة بتقارير الطب الشرعي والتي أودت بحياتهم.
واقترنت بهذه الجناية جنايات السرقة بالإكراه والشروع فيها والتخريب والإتلاف العمدي للأملاك العامة والأموال الخاصة والبلطجة والترويع وحيازة وإحراز مواد مفرقعة وأسلحة بيضاء بغير ترخيص.
ويواجه المتهمون من رجال الشرطة والمسؤولين بالنادي المصري ومهندس كهرباء الإستاد تهم الاشتراك بطريق المساعدة مع مرتكبي الأحداث، وذلك عن طريق تسهيل دخول المهاجمين إلى إستاد بورسعيد بأعداد غفيرة تزيد على العدد المقرر لهم بأكثر من 3 آلاف شخص، ودون تفتيشهم لضبط ما كانوا يحملونه من أسلحة بيضاء مختلفة الأنواع ومواد مفرقعة، كما سمحوا بوجودهم في داخل الملعب وفى مدرج قريب جدًا من مدرج جمهور النادي الأهلي مع علمهم بأنهم من أرباب السوابق الإجرامية وتركوهم يحطمون أبواب أسوار الملعب وتسلقها إثر انتهاء المباراة.
كما أن المتهمين من رجال الشرطة مكنوا بقية المتهمين المشار إليهم من الهجوم على جمهور فريق النادي الأهلي في أماكن وجودهم بالمدرج المخصص لهم بالاستاد، وأحجموا عن مباشرة أي إجراء مما يوجب الدستور والقانون القيام به لحفظ النظام والأمن العام وحماية الأرواح والأموال ومنع وقوع الجرائم، بينما قام مهندس كهرباء الاستاد بإطفاء كشافات إضاءة الملعب لتمكين المتهمين من ارتكاب جريمتهم.
واعتبر مراقبون أن ما حدث في إستاد النادي المصري ببورسعيد مجزرة بشرية لم تشهدها أي من الملاعب الرياضية في العالم.