تغطيات

العيد الوطني الـ 41 لمملكة البحرين

تحتفل مملكة البحرين هذه الأيام بالعيد الوطني الواحد والأربعين لها والذكرى الثالثة عشرة لتولي حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد مقاليد الحكم، وسط انجازات عديدة ونجاحات كثيرة حققتها المملكة على الاصعدة كافة وشتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية وغيرها والمضي قدماً إلى الأمام ومواصلة المسيرة المباركة من الإصلاح والازدهار التي قادها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بكل اقتدار منذ توليه سدة الحكم، وبالأخص بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني الذي طرحه جلالة الملك للاستفتاء في 14 فبراير 2001 وحظي بمباركة 98.4 في المئة من المواطنين، حيث اصبح مرتكزاً لكافة مظاهر التحول السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه المملكة، وينطلق بها الى المزيد من التقدم والرقي في اطار مملكة دستورية تقوم على المؤسسات وحكم القانون.

نجحت مملكة البحرين في تحويل نصوص ميثاق العمل الوطني والدستور الى انجازات وطنية على ارض الواقع باعتبار الإنسان البحريني هو الثروة الحقيقية والمحرك الأساسي للمشروع الإصلاحي بقيادة سياسية حكيمة تتوافق مع إرادة المواطنين لإحداث نقلة نوعية بأفق مستقبلية واسعة ورؤية حضارية عصرية تنشد اقامة مجتمع مدني متطور راقٍ في ظل معدلات عالية للنمو والازدهار، حيث كان الميثاق الأرضية الصلبة لجميع التحولات الديمقراطية والإنمائية التي شهدتها المملكة في عصرها الإصلاحي الزاهر، على أسس وطيدة تمثلت في اصدار الدستور الوطني وتحول البحرين إلى مملكة دستورية، تقوم على أسس راسخة من الحقوق والعدالة والمساواة والشفافية وإجراء الانتخابات البلدية والنيابية، إضافة إلى استكمال بناء المؤسسات الدستورية مثل إنشاء «المحكمة الدستورية» في 14 سبتمبر 2002، كأحد أهم الإنجازات الإصلاحية في عهد جلالة الملك، ومن الخطوات الرائدة على مستوى المنطقة، حيث تتولى مراقبة مدى دستورية القوانين واللوائح، وتعتبر أحكامها ملزمة، وانشاء ديوان الرقابة المالية في مملكة البحرين في 2002.

ولقد كرس ملك البحرين حفظه الله ورعاه أسس ومبادئ الديمقراطية الحقة، حيث استطاعت مملكة البحرين بفضل الفكر الثاقب والرؤية المستنيرة أن تتخطى الأزمة التي مرت بها والمضي قدما لمواصلة مسيرة الإصلاح وبناء الدولة الحديثة وتحقيق التنمية بتكاتف الأسرة البحرينية الواحدة الجامعة لجميع أطياف المجتمع، ولعل مبادرة ملك البحرين في إنشاء لجنة وطنية مستقلة لتقصي الحقائق تضم في عضويتها قانونيين وحقوقيين دوليين مشهودا لهم بالنزاهة والحرفية في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي مهمتها التحقق في الأحداث التي شهدتها المملكة تعد حدثاً تاريخيا هو الأول من نوعه عربيا ودوليا تضاف إلى رصيد وإنجازات مشروع ملك البحرين الإصلاحي الذي أرسى الديمقراطية وكفل الحرية وضمن الحقوق في جميع المجالات، كما جاء أمر جلالته بتشكيل اللجنة الوطنية لمتابعة توصيات لجنة تقصي الحقائق برئاسة رئيس مجلس الشورى التي باشرت عملها على الفور وبإنشاء صندوق للمتضررين من الأحداث الأخيرة ومهمتها تعويض جميع المتضررين أثناء الأحداث التي مرت بها مملكة البحرين نابعة من سلامة النهج في التعاطي مع قضايا حقوق الإنسان التي كفلها وشدد عليها «ميثاق العمل الوطني والدستور» بما يتعدى النطاق الجغرافي للبحرين ليمتد إلى النطاقين العربي والدولي، وليس أدل على ذلك من دعوة عاهل البلاد لدى تسلم تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى إنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان.

كما رعى ولي عهد مملكة البحرين لمنتدى حوار المنامة الثامن الذي تستضيفه المملكة سنويا لتدل على حرص القيادة السياسية على ترسيخ مبادئ الحوار ونبذ العنف من جميع الشرائح، وتؤكد استمرار مساعي سموه وحرصه على تعزيز مبادئ الحوار في جميع المواقف، وذلك من خلال كلمة سموه التي تعتبر وثيقة من وثائق المؤتمر الرئيسية، للدفع بالمسيرة الإصلاحية التي بدأها جلالة الملك، والارتقاء بمملكة البحرين إلى أعلى المراتب حيث جعل منها واحة للحوار المتجسد في مملكة الحوار.

كما شكل النهوض بالمرأة البحرينية علامة بارزة وركنا أساسيا من أركان المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين واستطاعت المملكة بأن تحقق التنمية الشاملة وان تضفي المزيد من الانجازات والمكتسبات على صعيد تمكين المرأة في كافة المجالات كما عزز ميثاق العمل الوطني الحقوق السياسية والقانونية للمرأة البحرينية التي تشارك الرجل في مسيرة الإصلاح والانجاز وكفل لها ممارسة حقوقها السياسية كاملة وبهذا تعتبر المرأة البحرينية اول امرأة خليجية تدخل تحت قبة البرلمان وهذا يحدث للمرة الأولى في منطقة الخليج وهو ما يعكس حجم الحراك السياسي في البحرين وبلوغه مرحلة متقدمة، لا سيما في السلك الديبلوماسي الذي يعد احد ابرز المجالات التي استطاعت المرأة البحرينية ان تترك بصمتها الواضحة عليه، ويقوم المجلس الاعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الاميرة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة قرينة ملك البحرين منذ انشائه في عام 2001 بدور رئيسي في اقتراح السياسة العامة في مجال تنمية وتطوير شؤون المرأة في مؤسسات المجتمع الدستورية والمدنية ويعمل على تمكين المرأة من اداء دورها في الحياة العامة وادماج جهودها في برامج التنمية الشاملة ومع مراعاة عدم التمييز ضدها، وقد ملك البحرين اعتماد المجلس الأعلى للمرأة يوم الاول من شهر ديسمبر من كل عام يوما للمرأة البحرينية يحتفل به سنويا، ويأتي احتفال المملكة هذا العام تحت شعار «المرأة والرياضة: إرادة... انجاز... تطلعات»، وذلك للاحتفاء بانجازات المرأة في المجال الرياضي.
كما شهدت مملكة البحرين منذ اقرار ميثاق العمل الوطني تحقيق عدة انجازات ومكاسب على صعيد حرية التعبير والرأي المسؤول في كافة وسائل الاعلام والتعبير في ظل دولة المؤسسات والقانون حيث نص الميثاق على ان لكل مواطن حق التعبير عن رأيه بالقول او بالكتابة او بأي طريقة اخرى من طرق التعبير عن الرأي او الابداع الشخصي، وان حرية البحث العلمي وحرية النشر والصحافة والطباعة مكفولة في الحدود التي بينها القانون مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب وبما لا يثير الفرقة او الطائفية، ولعل اختيار المنامة عاصمة للصحافة لعام 2012 لهو دلالة واضحة على قوة وفاعلية صحافة المملكة ومواكبتها للنهج الديمقراطي والإصلاحي الذي تشهده البحرين في شتى المجالات والميادين .

كما تعد رؤية مملكة البحرين 2030 ترجمة حقيقية وامتدادا لمبادئ الميثاق الذي أشار إلى الأسس الاقتصادية للمجتمع المتمثلة في مبدأ الحرية الاقتصادية، والملكية الخاصة، والعدالة الاقتصادية والتوازن في العقود، وتنوع النشاط الاقتصادي ومصادر الدخل القومي، وقد استطاعت مملكة البحرين ان تقفز الى مراكز متقدمة على الصعيد الاقتصادي والاستثماري والتجاري والصناعي والمصرفي والخدماتي، منذ انطلاق الميثاق قبل 12 عاما لترسخ أسس التنمية الشاملة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وجاء حصول مملكة البحرين على المركز السابع في العالم من حيث الحرية الاقتصادية طبقا لتقرير صادر عن معهد فريزر السنوي حول الحرية الاقتصادية للعام 2012، ليؤكد على صحة النهج الذي تسير عليه المملكة وعلى صحة التوجه والرؤية التي تبنتها الحكومة البحرينية في معالجة تداعيات الازمة المجتمعية التي عاشتها المملكة خلال شهري فبراير ومارس أوائل العام الماضي.

وقد اكد الميثاق ان الامن الوطني هو السياج والحصن الحصين لحماية البلاد وصيانة اراضيها ومكتسباتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ودعم مسيرة التنمية الشاملة خصوصا في ظل الظروف والمتغيرات الإقليمية والدولية المعاصرة.

ويأتي الاهتمام بتنمية الموارد البشرية وتحسين أوضاعها في مقدمة اولويات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ايماناً منه بأن الإنسان هو محور التنمية الشاملة وغايتها، وليس ادل على ذلك من ان مملكة البحرين جاءت في المرتبة الثالثة عربياً وفي المرتبة الـ 42 عالمياً على سلم مؤشر التنمية البشرية لعام 2011 من بين 187 دولة من دول العالم ادرجها التقرير الاخير لبرنامج الامم المتحدة الانمائي الصادر في يناير الماضي، محتفظة بموقعها ضمن الدول ذات التنمية البشرية العالية جداً خلال العقدين الاخيرين، ويعكس التطور البحريني في التصنيف الدولي للتنمية البشرية مدى النجاح والتقدم المستمر الذي حققته الدولة رغم ما مرت به من احداث مطلع العام الماضي والتداعيات التي مازالت تعاني منها بعض الدول بسبب الازمة المالية العالمية ولم ينج منها سوى القليل من الدول.

كما اولت القيادة البحرينية جل اهتمامها بالتعليم وتطويره، فقد دعا صاحب السمو الملكي الامير خليفة بن سلمان آل خليفة الى إنشاء امانة عامة للتعليم العالي للارتقاء بالتعليم العالي والدفع نحو استقطاب المزيد من الاستثمار في هذا المجال لتخدم مخرجاته الاحتياجات الفعلية لسوق العمل، وبناء على هذا التوجه الداعم للتعليم الخاص، تم فتح العديد من الجامعات الخاصة اضافة الى جامعة البحرين وجامعة الخليج العربي مما يدل على ان مملكة البحرين سوف تصبح في المستقبل مركزاً مثالياً ومؤهلاً للتعليم العالي في منطقة الخليج والوطن العربي.
ويقود صاحب السمو الملكي ولي العهد بتوجيهات من جلالة الملك مشروعاً رائداً لإصلاح سوق العمل والتدريب، تماشياً مع الانجازات المحققة ومن ابرزها اصدار قانون النقابات العمالية، وانشاء الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، واتخاذ اليوم العالمي للعمال عطلة رسمية للدولة، ومبادرة جلالة الملك بتخصيص 30 مليون دينار بحريني لتنفيذ المشروع الوطني للتدريب والتوظيف، وتنفيذ مشروع «التأمين ضد التعطل»، وانشاء «هيئة تنظيم سوق العمل» و«صندوق العمل»، مما اسهم في خفض معدل البطالة من 15 في المئة عام 2005 الى 3.6 في المئة في عام 2011، كما تم انشاء معهد البحرين للتنمية السياسية الذي يعمل على عقد دورات وتنظيم ورش عمل حول المشاركة السياسية واهميتها ورفع الوعي السياسي والقانوني لدى مختلف فئات الشعب.

وتعكس تحركات ومواقف مملكة البحرين الديبلوماسية سياستها الخارجية سواء على الصعيد الاقليمي والعربي، او على الصعيد الدولي، والتي التزمت بها قولاً وفعلاً منذ استقلالها عام 1971، وهي تقوم من واقع حرصها على الاستقرار واستتباب الأمن والسلام في منطقة الخليج والعالم العربي بدور نشط في ظل ظروف صعبة ومعقدة وفي ظل تحديات أمنية كبرى ومتغيرات اقليمية ودولية تتطلب الحركة وحُسن المبادرة، فمملكة البحرين تؤكد دائماً وقوفها مع القضايا العربية، وتقدم كل الدعم والمساندة لها، وتشارك في كافة الاجتماعات والمؤتمرات التي تعقد حول هذه القضايا، سواء في اطار الجامعة العربية او على المستوى الدولي، فعلى المستوى الدولي تحرص المملكة على دعم كل ما فيه رفعة للأمة العربية والاسلامية وتشجيع وحدتها وتكاملها بما يحقق مصالح شعوبها، مبرزة أهمية التعاون بين الدول والشعوب في اطار الالتزام بأسس ومبادئ الشرعية الدولية باعتباره اساساً لعالم اكثر استقرارا ورفاهية وتنمية، متمسكة بضرورة تسوية كافة المنازعات الدولية بالطرق السلمية، واحترام سيادة الدول الاخرى ومنع التدخل في شؤونها الداخلية، داعية الى السلام كهدف استراتيجي، الأمر الذي اكسبها مكانة مرموقة في ضوء التقدير الاقليمي والعالمي واسع النطاق للسياسة الحكيمة والعقلانية المتوازنة التي يقودها جلالة الملك بحنكة وخبرة عالية.

وعلى المستوى الخليجي يؤكد جلالة الملك على ان مجلس التعاون لدول الخليج العربية برز متماشياً مع توجهات وقناعة جلالته الراسخة في التنسيق والتقارب بين دوله الشقيقة وحقق من الإنجازات المشتركة والتقارب المنشود ما كان يأمله ويطمح إليه وهو اليوم مرشح للمزيد من التقارب ومطالب بالمزيد من التنسيق ليسمو إلى مستوى الاتحاد الفعال لمواكبة حركة العصر في الشرق والغرب، واستجابة لتطلعات شعوبه الخليجية التي تؤمن بأن مصالحها بل ووجودها في الصميم لا يصان إلا بمثل هذا التماسك والاتحاد، ويحرص صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى على المشاركة في القمم الخليجية المتعاقبة، وقد رحب جلالته باستضافة البحرين هذا العام للقمة الثالثة والثلاثين لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج والتي ستعقد خلال هذا الشهر، مؤكدا حرص البحرين الدائم على تعزيز هذه المسيرة المباركة لتحقيق آمال وتطلعات أبناء دول المجلس نحو المزيد من التكامل والتعاون المشترك الذي ينشده الجميع بما يكفل الوصول إلى الوحدة الخليجية التي يتطلع إليها أبناء وشعوب دول المجلس.

ولطالما كانت ولازالت العلاقات التاريخية المتجذرة التي تربط بين مملكة البحرين ودولة الكويت والتي بلغت أزهى عصورها في عهد ملك البحرين وأخيه صاحب السمو أمير دولة الكويت لأنها تجسد تاريخا طويلا من الأخوة في أسمى معانيها وأجمل صورها وتعتبر أنموذجا يحتذى به للعلاقات حيث وصلت إلى مرحلة أضحت كافة المفردات السياسية عاجزة عن وصفها، وبالتعاون المشترك بين البلدين في جميع المجالات والأصعدة وبما تقدمه دولة الكويت من دعم ومساندة، وما يحققه هذا الدعم في التنمية الاقتصادية لمملكة البحرين، وهي تحرص دائماً على تعزيز علاقاتها مع دولة الكويت في ضوء ما يربط الشعبين والقيادتين من صلات وثيقة. وتؤكد الزيارات المتبادلة لقادة البلدين وكبار المسؤولين عمق هذه العلاقات وترابطها وتعبر عن امتنان مملكة البحرين واعتزازها بالدور الذي تقوم به دولة الكويت من خلال اسهاماتها الفعالة في مشاريع التنمية.

وفي اطار هذه العلاقات المتميزة أنشئت اللجنة العليا المشتركة بين مملكة البحرين ودولة الكويت والتي يترأسها وزيرا خارجية البلدين وذلك لحرص القيادتين على استمرارية هذا التعاون، وقد حققت هذه اللجنة خلال اجتماعاتها الأخيرة الأهداف التي أنشئت من أجلها، كما تم الاتفاق على اتفاقيات عدة من شأنها دعم مسيرة التعاون والتواصل بين البلدين، ووضع الآليات لتبادل الخبرات والدراسات في المجالات المختلفة والمعنية بالتنمية السياسية والاقتصادية، والاستمرار في التشاور والتنسيق حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى