تغطيات

مصر .. حصانة النائب العام بين النصوص القانونية والإرادة الشعبية.

هل يجوز قانوناً عزل النائب العام أو نقله من وظيفته ؟ .. تساؤل شائك فرض نفسه في محيط الرأي العام بعد إعلان المستشار الدكتور عبدالمجيد محمود أنه لم يتقدم باستقالته ، وانه باق في أداء عمله طبقا لقانون السلطة القضائية رغم اصدار الرئيس محمد مرسي قرارا جمهوريا بتعيينه سفيرا لمصر لدى الفاتيكان على أن يتولى أحد مساعديه مهام عمله.
هيبة واستقلال القضاء :

المستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق قال لموقع أخبار مصر إنه وفقا لنصوص قانون السلطة القضائية والدستور المؤقت الصادر في مارس 2011 فان النائب العام يتمتع بحصانة قضائية ولا يجوز عزله أو إقالته من منصبه حرصا على إستقلاله وعدم التأثير عليه حال التلويح بالإقالة منوها ان الرئيس يعتمد تعيينه فقط ولا يعينه الا بموافقة وزارة العدل رافضا تدخل السلطة التنفيذية في مسار السلطة القضائية.

وأوضح أن المادة 119 من قانون السلطة القضائية الحالى ، تنص على أن النائب العام يكتسب حصانة من العزل أو الإقالة، حيث لا يبعده عن منصبه شىء سوى الوفاة أو بلوغ سن التقاعد أو تقديم استقالته بمبادرة منه شخصيا، كما تنص (المادة 47)من الدستور المؤقت الصادر 30 مارس 2011 على :"القضاة مستقلون، وغير قابلين للعزل وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً، ولا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة".

وأضاف المستشار محمد الجمل ان تعيين النائب العام سفيرا بالفاتيكان وتركه منصبه الحالي لا يجوز قانونا إلا بموافقته أو بناءً على طلبه وبترشيح من وزارة الخارجية ومدة خدمته لا تنتهي إلا ببلوغ سن التقاعد مشيرا الى أنه اذا كان نص القرار الاقالة يمكنه الطعن عليه أمام القضاء الادارى استنادا لمخالفته للدستور المؤقت وقانون السلطة القضائية بل إنه لايجوز تعيين نائب عام اخر إلا بترشيح من وزارة العدل.

واستنكر الجمل الخلط بين المطالب الشعبية للمليونيات والتظاهرات وسلامة الاجراءات القانونية موضحا ان الاستجاية للارادة الشعبية بمنطق الشرعية الثورية يجب ألا تتجاوز الشرعية الدستورية القائمة خاصة ان الدستور الجديد لم يصدر بعد وينبغى التوازن بين تحقيق العدالة الناجزة وسيادة القانون .

ونبه رئيس مجلس الدولة الأسبق الى خطورة مثل هذه القرارات لأنها قد تعنى امكانية التأثير على حيادية أحكام القضاة و المساس باستقلال وهيبة القضاء المصرى الذي يستند الى الأدلة والقرائن مؤكدا استقلال القضاء في مصر منذ دستور سنة 1923 .


قرار سيادي بالمنطق الثوري:


بينما يرى المستشار سمير صادق نائب رئيس مجلس الدولة السابق أنه بالمنطق الثوري يمكن ابعاده عن منصبه ومن هنا كان لابد ان يتدخل الرئيس بتعيينه سفيرا للفاتيكان لاحتواء المظاهرات وتلبية مطالب الثوار حتى لا يضيع حق أهالى الشهداء والمصابين فى ثورة يناير مادامت التحقيقات لم تتوصل لأدلة حقيقية تكشف من ارتكب ما يعرف إعلاميا ب"موقعة الجمل" وجاء حكم البراءة استنادا الى ان الشهادات سمعية وليست قوية ،ما يشير الى قصور ما أدى لعدم التوصل الى الأدلة.

واستطرد المستشار سمير صادق ،قائلا إن القرار قد لا يكون صائبا بنسبة 100% لمخالفته قانون السلطة القضائية لكنه يعالج مشكلة وسط ظروف سياسية واجتماعية استثنائية بعد ثورة 25 يناير ويستمد قوته من الشرعية الثورية.

ولفت الى انه اذا كان التوجس من المساس بهيبة القضاء واستقلاله وراء معارضة البعض للقرار ،فعليهم أن يعوا أنه من حق الرئيس اصدار قرارات سيادية للصالح العام ، وأن الحفاظ على استقلال القضاء لا يبرر غض الطرف عن الذين وقفوا ضد الثورة أو قتلوا الثوار .

وطالب صادق بسرعة الطعن على أحكام قضية "موقعة الجمل" واعادة محاكمة كل من يثبت تورطه ،مشددا على ضرورة حماية مكتسبات الثورة ووضع ضمانات بالدستور الجديد لاستقلال القضاء والفصل بين السلطات دون أن يتعارض ذلك مع هيبة الدولة او يهدر حقوق المواطنين .


الرئيس مرسى يقرر بقاء النائب العام في منصبه:


وقرر الرئيس محمد مرسي السبت وقف القرار الخاص بتعيين النائب العام عبد المجيد محمود سفيرا لمصر في الفاتيكان وجاء ذلك عقب اجتماع الرئيس مرسي السبت بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة بمجلس القضاء الأعلى ومن بينهم النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود .

وقال الدكتور ياسر على المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إن الاجتماع جاء بعد التماس تم توقيعه من جانب مجلس القضاء الأعلى بكامل هيئته بعد إعلان النائب العام الدكتور عبد المجيد محمود برغبته في البقاء بمنصبه .

من جانبه قال نائب رئيس الجمهورية محمود مكي إنه لا استقالة ولا إقالة للنائب العام مشيرا إلى أن الناس وجهت غضبها إلى النائب العام بعد أحكام البراءة في قضية موقعة الجمل وتجدد مطلب عزل النائب العام ووردت معلومات إن هناك تحركات على التعدي على النائب العام واقتحام منزله ومن هنا تطوع من بلغتهم تلك المعلومات من اجل أن يعرضوا على النائب العام تعيينه في منصب أخر حماية له.

وأضاف مكي , في مؤتمر صحفي اليوم ,أن النائب العام كان قد أبدى رغبته في ترك المنصب من قبل مما جعل الرئيس يقبل وساطة بعض اصدقاء النائب العام, في أخذ موافقته وعلى هذا الأساس تم البدء في اتخاذ إجراءات تعيين النائب العام سفيرا.

وأوضح أن تلك هي كل الملابسات الخاصة بتعيين النائب العام وليس هدفها أي مساس بالقضاء, بل أن الرئيس من باب حرصه على منع تصاعد الأحداث بعد هذا القرار فقد بادر بدعوة مجلس القضاء الأعلى للحضور إلى مقر الرئاسة وحضر المجلس بكل تشكيله وبينهم النائب العام وشرح ما حدث وبرره بأن هناك سوء فهم بأنه وافق على ترك منصبه ولكن لم يكن قد وافق بشكل نهائي.

وأضاف أن النائب العام بناء على هذا تقدم بطلب لمجلس القضاء الأعلى لتقديمه للرئيس يطلب فيه وقف إجراءات تعيينه سفيرا ومن ثم قدم المجلس طلبا مكتوبا موقعا من جميع أعضائه وطلب من الرئيس أن يستجيب لرغبة المستشار عبد المجيد محمود للاحتفاظ بموقعه فوعد الرئيس بإيقاف الإجراءات التي اتخذت بشأن تعيين النائب العام سفيرا, وذلك احتراما منه لمجلس القضاء الأعلى وحتى لا يفهم أنه يتدخل في القضاء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى