أجمع مواطنون كويتيون على أن الاحتفال بالقرقيعان لم يعد تقليدا شعبيا وتراثيا كويتيا بل تحول حاليا إلى موسم وصناعة قائمين بذاتهما بكل ما يعنيه ذلك من مبالغة سواء لناحية التصميم أو المكونات وحتى طريقة الاحتفال.
ورأوا في تصريحات متفرقة لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم أن ما طرأ على الاحتفال بالقرقيعان من تطور وتغيير ابتعد كثيرا عن البساطة والعفوية اللتين لطالما تميز بهما هذا التقليد الشعبي المحبب لدرجة أنه بات يستهلك جزءا كبيرا من ميزانيات بعض الاسر حاليا وتحول في شكل من الاشكال الى وسيلة للمفاخرة وحتى للفت الانظار.
وقال هاشم الموسوي (رب أسرة) ان عادة القرقيعان فقدت أصالتها وبساطتها بعد أن أصبحت تمارس بشكل مبالغ به ويعتريها البذخ والتبذير ما جعلها تنحرف عن مسارها الطبيعي والعفوي والبسيط.
وأضاف الموسوي ان تكلفة القرقيعان ارتفعت بشكل واضح حتى أصبح الاحتفال به يتم في الصالات والفنادق وتتم دعوة الاسر والاصدقاء وتقدم خلاله الهدايا الفاخرة والحلويات المصحوبة بصور الابناء والبنات وربما يمتد الاحتفال لساعات الصباح الاولى مع تقديم وجبات السحور.
وذكر ان القرقيعان قديما كان يتشكل من الحلوى البسيطة ويوزع على الاطفال الذين يجوبون الشوارع بفرح مرتدين الازياء الشعبية وحاملين أكياسا من بقايا القماش أو المستعمل وكانوا ينطلقون على شكل مجموعات يرددون أهازيج (القرقيعان).
من جانبه قال الحاج محمد عبدالواحد (رب اسرة) ان القرقيعان قديما ورغم بساطته الا سعادة الاسر والاطفال لم تكن تقارن لما هو الحال عليه اليوم على الرغم من مظاهر البذخ التي ترافق الاحتفالات الآن.
وأضاف عبدالواحد ان الامر سابقا لم تكن ترافقه أي تجهيزات معينة أو مسبقة من قبل الاهالي "فالامر عادي وتلقائي ما عدا توفير المكسرات المملوءة بالحلوى وتجهيز الكيس القماشي البسيط".
وذكر ان مكونات القرقيعان قديما كانت تجمع في سلة كبيرة أو باللهجة المحلية (زبيل) "ويحتوي على المكسرات كالفول السوداني سيبال ونخي ونقل و بيذان و جوز وتين مجفف و برميت وبعض الحلويات البسيطة وأحيانا يتم وضع بعض العملات المعدنية المحلية وكان بسيطا لا يثقل كاهل الأسر".
وبين ان القرقيعان اليوم لم يعد يقتصر على الاطفال بل تعداه الى الكبار "وتحول من سكك الفريج والجيران الى الصالات والفنادق الفخمة ومن الاكياس التراثية البسيطة الى العلب الفاخرة المحفورة والمزخرفة وأضحى وسيلة للتفاخر والمباهاة والتبذير ووصل الامر الى ان بعض حفلات القرقيعان تشترط عدم اصطحاب الاطفال".
من جهتها قالت سلوى الاربش (موظفة) ان للقرقيعان حاليا طقوسا ومبتكرات غريبة عجيبة بعيدة كل البعد عن الموروث الشعبي "ليتواكب حسب وجهة نظر البعض مع تطور الحياة وحراكها المتسارع ما أدى الى طمس أغلب معالم الاحتفال القرقيعان الاصيلة وتغييب العفوية والبساطة عنه".
وأضافت الاربش ان مساحة الاحتفال بالقرقيعان توسعت حاليا اذ تقوم بعض السيدات بحجز قاعات في الفنادق خمس نجوم لاحياء هذه الاحتفالية مع توجيه الدعوات للضيوف مع الحرص على ان يكون نوع الحلويات فاخرا بل وقد يستقدم من خارج البلاد.
وأشارت الى " مظاهر حديثة على الاحتفال بالقرقيعان منها الاتفاق مع فنانين لاحياء الحفل واعداد التجهيزات الخاصة والاتفاق مع مصمم خاص لعمل الديكورات للقاعة أو الصالة بما فيها تنسيق الاكسسوارات الخاصة كالورد والهدايا وتوزيع النظام السمعي والضوئي الليزري وحجز الفرق الشعبية والمصورين علاوة على طريقة التوزيع ودخول الاطفال وحجز أماكن لهم فضلا عن تقديم عروض ومسابقات وتوزيع جوائز.
بدورها قالت أسرار الحميدي ان مظاهر البذخ حاليا أفقدت القرقيعان حلاوته "وما تقوم به بعض الاسر من انفاق مبالغ خيالية على حفلاته اعتقد بأنه أمر مرفوض".
واضافت الحميدي ان بعض الاسر تستعد وتتجهز للقرقيعان مسبقا وربما لأشهر مع حرص مبالغ به على كل ما هو جديد في هذا الصدد وبلمسات عصرية سواء لناحية نوع العلبة أو التغليف أو بالأزياء أو طريقة التقديم.
وذكرت أن هناك البعض ممن يسافرون الى الخارج للاطلاع الى آخر الصيحات والابتكارات المتعلقة بذلك أو ممن يذيلون هدايا القرقيعان بأسماء دول المنشأ أو أنواع الحلويات المستخدمة وأسماء المصنع أو (الشيف) أو المصمم وحتى اسماء دور الازياء.
وبينت أن الامر يتعدى ذلك أحيانا حيث يتم تصميم ملابس خاصة للاطفال بهذه المناسبة تكون مماثلة للون أكياس أو صناديق القرقيعان مع الاكسسوارات التي تقدم للضيوف وربما يصل الامر الى تصميمات خاصة للكبار ايضا.
وأشارت الى أن المبالغة في الاحتفال بالقرقيعان قد تتخطى ذلك لتصل الى طبع صور الاولاد أو المحتفى بهم على الباقات التي يتم توزيعها اضافة الى بطاقات الدعوات الفاخرة وحجز البوفيهات لتتحول المناسبة الرمضانية البسيطة الى عادة مكلفة ومرهقة.
وذكرت ان البعض قد يستعينون بفرق غنائية أو شخصيات شهيرة محببة للأطفال وقد يتم الاتفاق مع مطربين لتسجيل أغنية خاصة بالمحتفى بهم في هذه المناسبة.
من ناحيته قال سالم الحريص (طالب جامعي) ان المحال التجارية تتنافس حاليا لاستغلال هذه المناسبة من خلال عرض ما لديها من طرق لتقديم القرقيعان الحديث المغلف بأجود المواد وتزيينه بشكل لافت للانتباه اضافة الى وضع أفخر انواع الحلويات.
وأضاف الحريص ان بعض محال الحلويات وصل بها الامر الى استخدام صور نجوم السينما والرياضة في العالم وبعض شخصيات الكارتون المحببة للأطفال علاوة على الهدايا التي تحمل ماركات عالمية.
وأشار الى أن هدايا القرقيعان لم تعد تقتصر حاليا على الاطفال بل أصبح يعنى بها الكبار ايضا ووصل الامر الى تنافس محموم على تحقيق أفضل (قرقيعان) وأجمل احتفالات به.