اتفق الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الاثنين على ضرورة الوقف الفوري لأعمال العنف في سوريا، وأكدا في بيان مشترك أنهما يتشاطران الاعتقاد بأن "السوريين هم من يجب أن يقرروا مصيرهم".إلا أن الرئيسين، اللذين التقيا في لوس كابوس بالمكسيك على هامش قمة مجموعة دول الثماني، لم يتعرضا لذكر الخلافات بين مواقف بلديهما بشأن كيفية معالجة الأزمة السورية.وقال أوباما وهو يجلس إلى جوار بوتين، الذين يلتقيه للمرة الأولى منذ عودته إلى سدة الحكم في الكرملين، وقد ارتسمت الجدية على وجهيهما: "لقد اتفقنا على ضرورة وقف العنف."
وأضاف الرئيس الأمريكي قائلا إن هنالك ثمة "رغبة" تجمعه مع نظيره الروسي بإيجاد "حل سياسي" للأزمة في سوريا".
وأشار إلى أنهما تعهدا على "العمل مع لاعبين دوليين آخرين"، منهم المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا، كوفي عنان، وذلك من أجل إيجاد حل للأزمة السورية "في أقرب وقت ممكن".
وجاء الإعلان عن الاتفاق بين البلدين على إيجاد "حل سياسي فوري" للأزمة في سوريا في أعقاب أشهر من تضارب المواقف، وحتى تبادل الاتهامات، بين واشنطن، التي تدعم المعارضة السورية، وموسكو، التي تُعد الحليف الأوثق للنظام السوري.
فقد استخدمت موسكو، إلى جانب الصين الحليف القوي الآخر لدمشق، مرتين حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي ضد مشروعي قرار كانا يرميان لإدانة سوريا بسبب "قمعها للمعارضة".
وتعارض كل من روسيا والصين اللجوء إلى الضغط الخارجي، أو إلى استخدام القوة، لإرغام النظام السوري على التنحي.
"مجموعة اتصال"
ويسعى بوتين إلى تشكيل "مجموعة اتصال دولية" لمعالجة الأزمة في سوريا، ويصر على أن تشمل المجموعة إيران التي تعتبر سوريا حليفتها الوحيدة في المنطقة، إلا أن الولايات المتحدة تعارض ضلوع إيران بأي دور في الأزمة السورية.
"إن دولا عدة في المنطقة تقدم الدعم العسكري للمعارضة السورية، لكن ذلك غير كاف لحسم المعركة بشكل سريع"
وقد أدى التعليق المؤقت لعمل بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا بداية الأسبوع الجاري إلى زيادة الضغط على أوباما وبوتين، وسلَّط الضوء على ضررة التصرف بشكل حاسم قبل أن يتحول الصراع الدائر هناك إلى حرب أهلية.
وكانت بعثة الأمم المتحدة، المكونة من 298 مراقبا عسكريا و112 موظفا مدنيا، قد أرسلت إلى سوريا قبل أكثر من شهرين للتأكد من تطبيق وقف إطلاق النار الذي نصت عليه خطة عنان.
وقد تزامن اجتماع أوباما مع بوتين مع صدور تقارير تحدثت عن استعداد سفينتين حربيتين روسيتين للإبحار إلى سوريا في مهمة يبدو أنها ترمي إلى تأمين الحماية للمواطنين الروس المتواجدين على الأراضي السورية، وإلى نقل المعدات من القاعدة الروسية في طرطوس "في حال اقتضى الأمر ذلك".
أما السناتور الأمريكي الجمهوري، جون ماكين، فقد حث إدارة أوباما على تسليح المعارضة السورية "لإرساء التوازن العسكري مع قوات نظام الأسد".
وقال ماكين: "إن دولا عدة في المنطقة تقدم الدعم العسكري للمعارضة السورية، لكن ذلك غير كاف لحسم المعركة بشكل سريع."
وأكد أن المعارضة السورية "باتت تملك حدا أدنى من التنظيم يجعلها أهلا لتلقي المساعدات العسكرية".
وانتقد ماكين السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة تجاه الأزمة في سوريا، معتبرا أنها "غير فعالة، و ستفقدها مستقبلا أي فرصة للتأثير في مجرى الأحداث، وستعزز دور دول أخرى، أو جماعات متطرفة، كالقاعدة، مما سيهدد أمن دول حليفة للولايات المتحدة كإسرائيل و تركيا."
وقال ماكين ان قرار واشنطن يجب ألا يبقى رهنا للفيتو الروسي في مجلس الأمن، مضيفا أن "على الولايات المتحدة التحرك عبر تحالف دولي يقدم الدعم العسكري للمعارضة ويساعدها على تحرير بعض المناطق من قوات النظام والسيطرة عليها على غرار بنغازي الليبية".
في غضون ذلك، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره العاصمة البريطانية لندن، إن أكثر من 50 شخصا قتلوا الاثنين في مناطق متفرقة من سوريا.
وطالبت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، دمشق مجددا بوضع حد للهجمات ضد المدنيين، متهمة النظام السوري بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية".