تغطيات

مصر .. مرسي وشفيق يسابقان الزمن إلى حشد الدعم لجولة الإعادة

الشعب المصري فاجأنا أكثر من مرة، الاولى بسلوكه الحضاري المنضبط، ووقوفه في طوابير لساعات وتحت حرارة شمس حارقة امام صناديق الاقتراع بنسبة مشاركة عالية، والثانية عندما لم ينجرف خلف عمليات التحريض الإعلامي التي استهدفت الترويج لهذا المرشح او ذاك للمرحلة الثانية، واختار مرشحين كانا دائماً في المقاعد الخلفية في حافلة الانتخابات الرئاسية.
يسعى كل من محمد مرسي، مرشح الإخوان المسلمون في مصر، والفريق أحمد شفيق، لكسب تأييد المرشحين الذين خرجوا من الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة، إذ يحاول كل منهما الحديث باسم الثورة قبل جولة الإعادة المقرر أن تجرى الشهر المقبل.
وقال التلفزيون المصري إن النتائج الأولية للجولة الأولى من الانتخابات أظهرت حصول مرسي على 26.4 في المئة من الأصوات مقابل 23 في المئة لشفيق، قائد القوات الجوية الأسبق وآخر رئيس حكومة في عهد مبارك.
وجاء حمدين صباحي، وهو علماني يساري، في المركز الثالث بفارق ضئيل حيث حصل على 21.5 في المئة من الأصوات، يليه المرشح الإسلامي المستقل عبد المنعم أبو الفتوح.
إلا أن هذه النتائج لا تزال غير رسمية، إذ من المتوقع إعلان النتائج الرسمية للجولة الأولى من الانتخابات يوم الثلاثاء المقبل.
وسيخوض المرشحان الحاصلان على أعلى نسبة من الأصوات، على الأرجح مرسي وشفيق، جولة الإعادة التي ستجرى يومي 16 و17 يونيو المقبل.
لكن عصام الإسلامبولي، محامي صباحي، قال إنه سيطلب من اللجنة الانتخابية وقف الانتخابات لحين الانتهاء من التحقيق في "مخالفات شابت عملية التصويت"، وإلى أن تحسم المحكمة الدستورية ما إذا كان يحق لشفيق خوض الانتخابات أم لا.
وقال الإسلامبولي لوكالة رويترز للأنباء: "إن هنالك عددا من المخالفات التي يجب التحقيق فيها قبل إعلان النتائج الرسمية، وقبل بدء جولة الإعادة."
وأثار الاختيار بين مرسي وشفيق، ويمثلان معسكرين متنافسين من القوى التي تصارعت في مصر على مدى الستين عاما الماضية، استياء كثير من المصريين الذين صوتوا لمرشحين يمثلون تيار الوسط.
ويخشى البعض من أن يؤدي فوز شفيق، البالغ من العمر 70 عاما، إلى القضاء على الآمال في التغيير التي أشعلتها الانتفاضة ضد مبارك وأطاحت به في الحادي عشر من شهر فبراير من عام 2011، بينما يرى البعض الآخر أن التصويت لمرسي سيدفع مصر إلى متاهات تجربة الحكم الإسلامي.
وقد دعت جماعة الإخوان المسلمين صباحي وأبو الفتوح والمرشحين الآخرين الذين خرجوا من السباق من الجولة الأولى، إلى محادثات للحصول على تأييدهم قبل جولة الإعادة، لكن مصدرا في حملة أبو الفتوح قال إنه لن يشارك في مثل تلك المحادثات.
وقالت الجماعة إنه يتعين على الأحزاب التي أيدت الثورة ضد مبارك أن تتوحد "من جديد حتى لا تسرق منا الثورة"، محذرة من "محاولات مستميتة من أجل إعادة إنتاج النظام القديم بحلة جديدة."
ويسيطر الإخوان بالفعل على أكبر كتلة في البرلمان منذ يناير/ كانون الثاني الماضي، لكنهم لم يتمكنوا من إثبات قوتهم في مواجهة الحكومة التي عينها ويشرف على أدائها المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ الإطاحة بمبارك.
واستخدم شفيق لغة مماثلة على نحو لافت للنظر في مؤتمر صحفي عقده في مقر حملته الانتخابية، إذ خاطب شباب الثورة قائلا: "لقد اختُطفت منكم الثورة التي فجرتموها، وأنا أتعهد بأن أعيد ثمارها إلى أيديكم، وأن يكون لكم موقع الصدارة في الجمهورية الجديدة."
وأضاف: "إن مصر لن تعود إلى الوراء، وإنما ستبدأ عصرا جديدا. لن نعيد إنتاج ما سبق، وما كان لن يعود. لا مكان لإعادة إنتاج نظام سابق، فقد تغيرت مصر، ولا يمكن لعقارب الساعة أن تعود إلى الوراء."
وقد استهدف شفيق في معظم خطابه جماعة الإخوان المسلمين، وإن بشكل غير مباشر، إذ استغل مخاوف الأقلية المسيحية والليبراليين العلمانيين من أن رئاسة مرسي ستهدد حرياتهم.
وتابع قائلا: "أدعوكم مجددا إلى أن تشاركوا في صناعة مستقبل مصر، فمصر للجميع. مصر التي لا تبعد أحدا ولا تقصي أحدا، فللجميع الحق في أن يكونوا مشاركين في هذا الوطن."
يُذكر أن شفيق كان قد قال في حديث أدلى به إلى التلفزيون المصري الرسمي الجمعة إنه لا يجد غضاضة في فكرة أن تكون هناك حكومة يقودها الإخوان المسلمون، فيما لو أصبح هو رئيسا للبلاد.
وقد حصل شفيق على تأييد مصريين يرون أنه "رجل قوي تحتاجه البلاد" لإنهاء فترة استمرت 15 شهرا من عدم الاستقرار السياسي والفشل الاقتصادي وتزايد معدل الجريمة.
ورغم حصول مرسي على أعلى الأصوات، إلا أن النسبة التي حصل عليها لم تشكل مفاجأة مقارنة بأداء الأخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية الماضية التي حصدوا فيها ما يقرب من نصف مقاعد البرلمان.
وحصل المرشحان الإصلاحيان المستقلان أبو الفتوح وصباحي معا على أصوات تفوق نسبة الأصوات التي حصل عليها أي من شفيق أو مرسي، مما يشير إلى تطور مركز جديد في الساحة السياسية المصرية.
وقال إليجا زروان من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في لندن: "سيتعين على الإخوان المسلمين التواصل على نحو كبير ومثير مع الوسط والأحزاب السياسية الأخرى إذا كانوا يتطلعون إلى كسب تأييدهم أو يتطلعون إلى الفوز بانتخابات الرئاسة."
وقد أشار أبو الفتوح بالفعل إلى أنه سيلقي بثقله وراء الإخوان المسلمين للوقوف "صفا واحدا ضد رموز الفساد والاستبداد"، لكن شركاء آخرين محتملين في الجبهة المعادية لشفيق قد يطلبون ثمنا سياسيا.
وأبدى حزب العدل العلماني الذي تأسس في أعقاب انتفاضة العام الماضي أسفا بالغا للنتيجة التي أسفرت عنها الجولة الأولى من الانتخابات، ووضع شروطا صعبة كي يحصل الإخوان المسلمون على تأييده في جولة الإعادة.
فقد طالب بنظام رئاسي، في حين يفضل الإخوان المسلمون برلمانا أقوى. ودعا الحزب إلى تعيين نائب رئيس علماني، وقال إنه يتعين على جماعة الإخوان المسلمين تسجيل نفسها رسميا لأول مرة منذ تأسيسها قبل 84 عاما.
وقال ياسر علي المسؤول في حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن حركة الإخوان المسلمين، إن المحادثات لإقناع المنافسين بالانضمام إلى جبهة ضد شفيق ستتطرق إلى منصب نائب الرئيس وتشكيل حكومة ائتلافية جديدة.
وبدت جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت شوكة في خاصرة مبارك لفترة طويلة، معزولة عن الأحزاب السياسية الأخرى على نحو متزايد منذ الإطاحة به.
وقد واجهت في البداية اتهامات بأنها كانت بطيئة في المشاركة في الانتفاضة، ثم بالإذعان للمجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد منذ الإطاحة بمبارك.
وتآكلت الثقة في الإخوان أكثر بعد أن قررت الجماعة المشاركة في سباق الرئاسة بعد أن كانت قد تعهدت في السابق بألا تشارك فيها. وتقول الجماعة، التي تأسست في عام 1928، إنها هدف لحملة تشهير من قبل خصومها.
وقال محمد حبيب، وهو نائب سابق للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الذي انشق على الجماعة اعتراضا على سياساتها، إنه يتعين على الجماعة أن تعرض تعيين نائبين للرئيس على الأقل، بحيث يكونان من خارج الجماعة.
وأشار إلى أن أحدهما قد يكون مسيحيا، وهي فكرة قال مرسي نفسه إنه لا يعارضها.
من جانب آخر، طالب المرشح عمرو موسى النائب العام بسرعة التحقيق في بلاغ تقدم به ضابط شرطة برتبة نقيب يتهم فيه مجموعة من ضباط الشرطة بإصدار بطاقات رقم قومي لأمناء وجنود شرطة أمن مركزي، من محافظة الجيزة بغية تمكينهم من التصويت في الانتخابات الرئاسية. وقالت حملة موسى، في بيان السبت، إنها تطالب النائب العام بسرعة التحقيق في البلاغ وملابساته، والكشف عن الحقائق أولا بأول أمام الرأي العام المصري.
وكان النقيب عبد الرحمن منصور النشار، وهو أحد الضباط بقوات الأمن المركزي، قد تقدم صباح السبت ببلاغ للنائب العام يتهم فيه مجموعة من ضباط الشرطة، لقيامهم بإصدار بطاقات رقم قومي لأمناء شرطة وعساكر أمن مركزي، تجاوز عددهم 900 ألف بطاقة رقم قومي.
ويذكر أنه ليس من حق الشرطة والجيش التصويت في الانتخابات في مصر.
وذكر الضابط في البلاغ أن البطاقات الجديدة تستبدل فيها مهنة الجنود والضباط لتمكينهم من التصويت لصالح شفيق، المرشح المحسوب على ما يسمون بفلول نظام مبارك.

المصادر : وكالات + صحف + إذاعات
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى