الرياض - يصادف غدا حلول الذكرى ال31 على انطلاقة مجلس التعاون الخليجي ككيان سياسي واقتصادي واجتماعي قوي يجمع شعوب ودول الخليج الست في تناغم وانسجام لتحقيق أهداف كبرى من خلال العمل المشترك للمحافظة على المكتسبات القومية وحماية دول المنطقة من المخاطر والتهديدات.
ويشكل ال25 من مايو عام 1981 علامة فارقة في تاريخ دول المنطقة حينما تواثق قادة دول المجلس في قمة ابوظبي على قواعد ترسيخ مبدأ العمل الجماعي المشترك لتلبية تطلعات مواطني دول مجلس التعاون والمحافظة على أمن وسلامة شعوبه .
ولم يكن الاتفاق على إنشاء مجلس التعاون مجرد فكرة عابرة حظت بالقبول الجماعي وانما انطلاقا من قناعة راسخة ونتاج وعي وادراك ونظرة ثاقبة من قادة دول المجلس بأهمية التنسيق والتعاون وسط عالم مضطرب وأوضاع سياسية واقتصادية متقلبة.
ويعكس التقرير الذي اصدرته الأمانة العامة لمجلس التعاون بهذه المناسبة حجم الانجازات الكبيرة التي تحققت خلال مسيرة المجلس على مدى ال31 عاما الماضية بفضل روح التوافق والاتفاق التي ظلت ولا تزال تسود القمم واللقاءت التي تجمع قادة دول المجلس بالتناوب في العواصم الخليجية.
فعلى الصعيد السياسي واصلت دول المجلس خلال عام 2012 العمل على توحيد وتنسيق مواقفها السياسية تجاه العديد من القضايا الهامة الإقليمية والدولية في إطار أسس ومرتكزات ثابتة لا تزال قائمة باحترام حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وحل النزاعات بالطرق السلمية ودعم القضايا العربية والإسلامية وتطوير علاقات التعاون مع الدول والمجموعات الدولية .
فبالنظر الى العلاقات مع ايران ظلت دول مجلس التعاون وماتزال على موقفها الثابت الموحد بمطالبة إيران بالالتزام التام بمبادىء حسن الجوار والاحترام المتبادل والأعراف والقوانين والمواثيق الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس. كما يتضمن الموقف الخليجي دعوة ايران لحل الخلافات بالطرق السلمية والحوار المباشر وعدم استخدام القوة أو التهديد بها وأهمية التزامها بالتعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبمبادىء الشرعية الدولية وجعل منطقة الشرق الأوسط بما فيها منطقة الخليج العربي منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية وينطبق ذات الموقف على اسرائيل وضرورة انضمامها إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
أما على صعيد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وتطورات النزاع العربي الإسرائيلي فقد استمر الموقف الخليجي موحدا طيلة حقب ومراحل هذه النزاع والمتمثل بالتأكيد على أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة إلى حدود الرابع من يونيو 1967. وفي ما يتعلق بالشأن اليمني فقد أكدت دول مجلس التعاون حضورها الفاعل لحل الازمة اليمنية من خلال طرح المبادرة الخليجية التي أسهمت في تجاوز اليمن لهذه المحنة بل وواصلت جهودها لحشد المجتمع الدولي لتقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية.
وكعادتها في الاهتمام بمحيطها العربي فقد تمسكت دول مجلس التعاون بموقفها المبدئي بالتأكيد على الالتزام التام بسيادة العراق واستقلاله ووحدة أراضيه وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وأهمية بذل جميع الأطراف في العراق الشقيق الجهود لتحقيق مصالحة سياسية دائمة وشاملة تلبي طموحات الشعب العراقي .
كما يتضمن الموقف الخليجي مطالبة العراق باستكمال تنفيذ كافة قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة ومنها الانتهاء المتعلقة بصيانة العلامات الحدودية تنفيذا للقرار 833 والانتهاء من مسألة تعويضات المزارعين العراقيين تنفيذا للقرار 899 وملف الأسرى والمفقودين من مواطني دولة الكويت وغيرهم من مواطني الدول الأخرى وإعادة الممتلكات والأرشيف الوطني لدولة الكويت . ومنذ نشوء الازمة في سوريا اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي موقفا موحدا بالوقوف الى جانب الشعب السوري وتبنت مع الدول العربية الاخرى مبادرة لحل الازمة.
وماتزال دول المجلس متمسكة بموقفها تجاه الازمة السورية رغم خيبة الامل من إخفاق مجلس الأمن في جلسته في العاشر من فبراير الماضي في إصدار قرار لدعم المبادرة العربية ومع ذلك أعربت عن ترحيبها بالقرارات التي صدرت عن المجلس الوزاري العربي في ال12 من الشهر نفسه لوقف المجازر التي تفاقمت في سوريا. وواصلت دول مجلس التعاون مناشدة المجتمع الدولي والمنظمات المدنية العالمية باتخاذ إجراءات وتدابير حاسمة لدعم إرادة ومطالب الشعب السوري مع التأكيد على الالتزام الثابت بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها الوطنية وسلامة أراضيها.
ولم يقتصر تقرير الامانة العامة لمجلس التعاون على هذه القضايا في الشأن السياسي وإنما شمل أيضا التطورات في السودان والصومال وغيرها فضلا عن مسيرة التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية والاجتماعية والثقافية والصحة والبيئة والعلاقات مع التكتلات الاقتصادية الاقليمية والدولية.