رام الله - تكثف السلطة الفلسطينية هذه الأيام من حراكها السياسي والشعبي عشية تقديم طلب الحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 7691 من الأمم المتحدة.
وحدد الفلسطينيون يوم العشرين من الشهر المقبل لتقديم طلبهم إلى السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون على هامش افتتاح الدورة 66 لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وحصلت السلطة الفلسطينية على دعم عربي كامل من خلال لجنة متابعة مبادرة السلام العربية التي تضم 18 دولة عربية تضمن وضع خطة للإجراءات القانونية والسياسية المقررة حتى يوم تقديم طلبهم.
واعتبر كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أن "قطار الاعتراف بدولة فلسطين قد انطلق فعلا نحو نيويورك" حيث تعقد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأشار عريقات إلى أن جهودا فلسطينية مكثفة تبذل على كافة المستويات الدبلوماسية والقانونية لحشد الدعم اللازم للطلب الفلسطيني في الأمم المتحدة , مؤكدا وجود "إجماع دولي غير مسبوق لدعم عضوية الدولة الفلسطينية باعتبار ذلك أساس تثبيت حل الدولتين".
ويقول مراقبون إن الفلسطينيين يسعون بخطوتهم في الأمم المتحدة إلى امتلاك زمام المبادرة بالضغط على إسرائيل والأطراف الدولية من أجل إيجاد حل للصراع الممتد منذ أكثر من ستة عقود وإقامة دولة مستقلة لهم.
إلا أن ثمة صعوبات جسيمة تنتظر طريق هذا التوجه الذي سيكون الأول الذي يتخذه الفلسطينيون من أجل الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة لهم على الحدود المحتلة في العام 67 بعد سنوات من تعثر المحادثات الرامية لذلك.
ومن شبه المؤكد أن يصطدم الطلب الفلسطيني باستخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي.
ويحتاج الفلسطينيون إلى تأييد تسعة أعضاء في مجلس الأمن الدولي مع عدم استخدام إحدى الدول الخمسة دائمة العضوية الفيتو للحصول على عضوية كاملة لدولتهم.
وفي حال استخدام واشنطن حق النقض , فسيكون أمام الفلسطينيين التوجه للجمعية العامة وهنا سيحتاجون تأييد 129 دولة للحصول على عضوية ينقصها حق التصويت , لكنها ستتيح لهم الانضمام إلى عضوية المنظمات الدولية الفاعلة.
وتقتصر مكانة "فلسطين" في الأمم المتحدة حاليا على صفة مراقب.
ويقول أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ل`(د.ب.أ) إن الفلسطينيين ما زالوا يأملون في تغيير الولايات المتحدة موقفها بخصوص التوجه للأمم المتحدة.
وأشار مجدلاني إلى وجود اتصالات فلسطينية-أمريكية مكثفة بشأن كافة تطورات عملية السلام وحثها على تأييد التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة "باعتباره يحافظ على حل الدولتين ولا يتعارض معه بشكل مطلق".
وشدد على أن الفلسطينيين لن يقبلوا بأي صيغة لاستئناف محادثات السلام مقابل إلغاء التوجه للأمم المتحدة "لأن قرارنا هو أنه لا تعارض مطلقا بين الأمرين وأن التوجه للأمم المتحدة يدعم حل الدولتين وفرص تحقيق السلام".
وتحظى "دولة فلسطين" التي أعلنت في العام 1988 حاليا باعتراف 122 دولة.
وأطلقت إسرائيل منذ شهور حملة دبلوماسية مكثفة لإحباط إمكانية نجاح التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة والذي تعتبره خطوة أحادية الجانب , وكانت هددت بفرض عقوبات اقتصادية وسياسية على الفلسطينيين ردا على ذلك.
ويرى مدير مركز "بدائل" للدراسات في رام الله هاني المصري أن القيادة الفلسطينية مقبلة على التوجه للأمم المتحدة بغض النظر عن الضغوطات التي تتعرض لها والعقوبات التي قد تنتظرها , وحتى نتيجة مثل هذا التحرك.
ويشير المصري إلى الاقتناع الفلسطيني الكامل بضرورة السعي لتدويل قضيتهم وتفعيلها دوليا في ظل الانسداد الكامل لأفق عملية السلام وما تبديه الحكومة الإسرائيلية الحالية من مواقف "تتنكر" لأبسط الحقوق الفلسطينية.
لكن المصري يرجح أن الفلسطينيين قد يفضلون في مرحلة لاحقة اقتصار خطوتهم على الجمعية العامة للأمم المتحدة لنيل اعتراف بدولتهم المستقلة وتفادي التصادم مع الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أكد مرارا أن خياره الأول والثاني والثالث هو استئناف مفاوضات السلام شرط أن تقوم على مرجعية دولية وفق حل الدولتين على حدود عام 67 ووقف الاستيطان الأمر الذي ترفضه إسرائيل.
وبموازاة التحضيرات السياسية تكثف السلطة الفلسطينية استعداداتها لإطلاق تظاهرات شعبية تأمل أن تكون ضخمة ومعبرة عن دعم التوجه للأمم المتحدة.
ولهذا الغرض تم تشكيل عدة لجان مركزية ومحلية في كل محافظة وفي مخيمات اللجوء للعمل على تسيير مسيرات شعبية حاشدة لدعم الموقف الفلسطيني.
وستحمل هذه المسيرات شعار "فلسطين : 194" , في إشارة إلى طلب العضوية في المنظمة الدولية التي تضم 193 دولة.
وفيما أعربت أوساط أمنية إسرائيلية عن الخشية من تحول هذه التظاهرات إلى أعمال عنف فإن السلطة الفلسطينية تشدد على سلمية هذه التحركات وحصرها في المدن بعيدا عن نقاط التماس مع الجيش الإسرائيلي.
وأعلن المتحدث باسم الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية عدنان الضميري أنها وضعت خطة للحفاظ على الطابع السلمي لهذه التظاهرات تشمل نشر قوات الأمن حول المدن لمنع وصول المتظاهرين إلى مراكز الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي والمستوطنين.
واعتبر الضميري أن إسرائيل تسعى لجر الفلسطينيين إلى مربع العنف في أيلول/سبتمبر المقبل لنزع شرعية تحركهم , لكنه أبدى ثقة بفشل هذا المخطط.