قدم بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر اليوم السبت أشد اعتذار له حتى الآن لضحايا فضيحة الاعتداء الجنسي لبعض القساوسة على الأطفال وتحدث عن العار والذل الذي لحق بالكنيسة الكاثوليكية جراء الفضيحة. كما عبر البابا أيضا عن حزنه العميق للمرة الثانية بسبب الجرائم التي لا توصف معترفاً بـ "المعاناة الهائلة" التي تسبب بها الكهنة الضالعين بالفضيحة للعديد من الأشخاص. جاء كلام البابا خلال القداس الجماعي الذي ترأسه صباح اليوم السبت في كاتدرائية ويستمنستر وسط العاصمة لندن وذلك في ثالث يوم من زيارته التاريخية لبريطانيا والتي تستمر لمدة أربعة أيام.
كما يلتقي البابا في أعقاب القداس آلاف الشبان من أتباع الكنيسة الكاثوليكية الذين احتشدوا خارج الكاتدرائية. بعد ذلك، سيزور رأس الكنيسة الكاثوليكية دارا للمسننين جنوبي لندن.
وكان البابا قد أدلى بتصريحات قبيل وصوله إلى بريطانيا أقر فيها بفشل الكنيسة الكاثوليكية بالتصرف بشكل حاسم وسريع بما يكفي للتعامل مع قضية القساوسة الذين يغتصبون ويستغلون الأطفال جنسيا.
فقد خاطب بابا الفاتيكان الصحفيين المرافقين له على متن الطائرة التي أقلته إلى بريطانيا قائلا إن مساعدة الضحايا على الشفاء وبلسمة جراحهم واستعادة ثقتهم بالكنيسة هي على رأس أولويات كنيسته.
ومثلت تصريحات البابا تلك أول اعتراف له بإخفاقات الكنيسة بمعالجة فضيحة الاعتداءات الجنسية، والتي عادت إلى الأضواء مجددا مع الكشف مؤخرا عن وجود مئات الضحايا في بلجيكا، انتحر منهم 13 شخصا على الأقل.
وكان البابا قد التقى في وقت سابق اليوم بمقر إقامته في لندن كلا من رئيس الحكومة، ديفيد كاميرون، ونائبه نِك كليج، وزعيمة حزب العمال المعارض بالوكالة، هاريات هارمان.
هذا وسينهي البابا نشاطات اليوم بصلاة جماعية في حديقة هايد بارك، بينما سيحتشد المناوئون له وسط لندن للتعبير عن احتجاجهم على زيارته لبريطانيا.
وكان البابا قد حذر يوم أمس الجمعة من تهميش الدين، وخاصة المسيحية، عبر العالم وذلك في أول خطاب لرأس الكنيسة الكاثوليكية في كنيسة ويستمنستر آبي الملحقة بمجلس العموم البريطاني بلندن.
وقال البابا مخاطبا حشدا كبيرا من النواب وكبار الشخصيات الدينية والسياسية والفكرية البريطانية قائلا في كلمته التاريخية: "لا أقوى إلا أن أعبر عن قلقي بشأن التهميش المتزايد للدين، وبالأخص المسيحية الأمر الذي يحدث في بعض الأماكن، حتى في أمم تولي اهتماما كبيرا للتسامح."
وأضاف البابا محذرا من وجود بعض الأشخاص الذين يودون رؤية "صوت الدين وقد جرى إسكاته."
ودعا البريطانيين لإيجاد كافة السبل الكفيلة بترويج الدين والعقيدة "على كل مستوى من مستويات الحياة."
كما شدد البابا أيضا في كلمته على تعزيز أواصر التعاون والصداقة بين بريطانيا وبين الفاتيكان من جهة، وبين الكنيسة الكاثوليكية، التي يمثلها، والكنيسة الإنجيلية من جهة أخرى.
وأكد البابا أيضا على أهمية الأخلاق في الحياة اليومية، وقال إن "غياب الأساس الأخلاقي" ساهم إلى حد كبير في حدوث وتفاقم الأزمة المالية التي هزت العالم مؤخرا وأثرت على الملايين في العالم.
وكان البابا قد التقى يوم أمس الجمعة بكبير أساقفة كانتربري، الدكتور روان وليامز، وذلك في مقر إقامته بقصر لامبث وسط العاصمة لندن.
يشار إلى أن زيارة البابا للمملكة، والتي بدأت الخميس الماضي وتنتهي غدا الأحد، تجري وسط احتجاجات من قبل بعض الجماعات المنتقدة لدور الكنيسة الكاثوليكية حيال قضايا متعددة، من بينها الإجهاض وفضيحة الاستغلال الجنسي للأطفال.
كما احتدم الجدل وتصاعدت حدة الانتقادات الموجهة للبابا من قبل منظمات وجهات مختلفة بعد الخطاب الذي ألقاه أمام ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية في قصر هوليرودهاوس بإدنبره في مستهل زيارته إلى البلاد، والذي أشار فيه إلى وجود "رابط بين الإلحاد والنازية".
إلا أن الكنيسة الكاثوليكية تحركت بسرعة للتقليل من وقع كلمات البابا، قائلة إنه "مدرك تماما لمعنى الإيديولوجية النازية".
لكن منظمات وشخصيات ذات ميول غير دينية اعتبرت تلك التعليقات "مساسا بها وإهانة" لمن لا يؤمنون بالفكر الديني.