منعت الولايات المتحدة عدداً من المنظمات غير الحكومية ذات الشعارات الإسلامية لمساندتهم طالبان أو القاعدة، رغم أنها قدمت هذه المساهمات الأكبر في العمليات الإغاثية لأسوأ فيضانات في تاريخ باكستان, ومساهمات هذه المنظمات مغايرة لمشهد الإغاثة المقدم على الصعيد العالمي والذي أخذ بطابع البطيء وغير فعال لإغاثة الباكستانيين.
ودقت هذه المساعدات ناقوس الخطر لأمريكا ودول غربية أخرى، ترقباً لما قد تنتجه هذه المساعدات في ظل الكوارث الطبيعية من انتشار وازدياد للتشدد الإسلامي، والصورة مشابهة لعمليات الإغاثة من قبل المنظمات الإسلامية غير الحكومية في باكستان، عندما هز باكستان زلزال قوي في عام 2005, فكانت هي الأكثر مساعدة لباكستان مقارنة بالمنظمات الحكومية والعالمية.
وأكد مسؤلون باكستانيون على وجود عمليات للمنظمات غير الحكومية في مناطق متأثرة بالفيضانات، خاصة تلك التي يسكنها البشتون في محافظة خيبر باختونخوا والمناطق القبلية الواقعة في الشمال، وهذه المنظمات موجودة لعقود وتتمتع بشعبية واسعة, ولهذا السبب فإن إخلاءهم سوف لا يحصل في ظل ليلة وضحاها" قال أحد المسؤلين الكبار.
أكثر المجموعات بروزاً في عمليات الإغاثة هم جامعة الدعوة, والرشيد، ومؤسسة الخدمات. وجامعة الدعوة لم تمنع قانونياً من قبل إسلام أباد، لكنها محظورة من قبل الأمم المتحدة بعد ضغوط هندية لصلة جامعة الدعوة في هجومها المزعوم في مومباي، ودعمهم لمقاتلي كشمير الانفصاليين أمثال جماعة "لشكر طيبة".
ومجموعة الرشيد منعت من قبل واشنطن وإسلام أباد لمساندتها طالبان في أعمال إعادة إعمار وإنشاء, ولكن مجموعة الرشيد تعمل في باكستان تحت اسم جديد الآن، ومؤسسة الأختر وغيرها من المنظمات الكبيرة أو الصغيرة متهمة بمساعدة ومساندة طالبان والقاعدة في عملياتهم.
أما مؤسسة الخدمات فهي غير محظورة أو ممنوعة من قبل واشنطن, لكنها مشتبه بها كمساعد مستقبلي للمتشددين الإسلاميين لانتسابها لأكبر حزب إسلامي في البلاد، "حزب جمعة الإسلامي".
في الوقت نفسه، أصدرت حكومة محافظة خيبر تنويهاً لكل المنظمات غير الحكومية بالتسجيل تحت السلطة الوطنية لإدارة الكوارث أو إفناء عملياتهم خلال 72 ساعة استجابة لدعوى أمريكا، ويغلب الطابع العسكري على السلطة الوطنية لإدارة الكوارث الطبيعية.
وقال متحدث باسم لشكر طيبة: "نحن لسنا إرهابيين، والمحكمة العليا برأتنا من هذه الاتهامات، فلم تستطع حكومة إسلام أباد أو واشنطن إثبات أي اتهام ضدنا في المحكمة. وقال: "في الغرب وخاصة أمريكا والتي تمشي تحت ضغوط الهند في شن اتهامات ضدنا لمساندتنا مقاتلي كشمير المناضلين لحريتهم".
وعاتب مسؤلون باكستانيون كبار واشنطن ودولاً غربية أخرى لبطء مساعداتهم الإغاثية وفي نفس الوقت سرعة إصداراتهم التحذيرية لعودة الإسلاميين المتشددين، خاصة وأن الإسلاميين الذين تحذر أمريكا منهم وجدوا طرقاً للعودة بسبب غياب الدور الغربي في ترأس المساعدات الإغاثية.
وحذرت واشنطن إسلام أباد من أن تسيطر طالبان على توزيع الإغاثات الأمريكية, والتي أجبرت وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك ليقدم تأكيدات بأن القلق الأمريكي في هذا الموضوع ليس له أي أساس. في الوقت الذي سيزور فيه مرشح الرئاسة الأمريكي السابق السيناتور جون كيري المناطق المتأثرة بالفيضانات في باكستان، في ظل مخاوف غربية من عودة المتشددين الإسلاميين.
على صعيد متصل كشف صندوق النقد الدولي السبت أنه سيراجع موازنة باكستان وتوقعاتها الاقتصادية في أعقاب كارثة الفيضانات التي حلت بها مؤخرا، وذلك في اللقاء المزمع مع مسؤولين باكستانيين على رأسهم وزير المالية الباكستاني عبد الحفيظ شيخ تبدأ الاثنين المقبل.
ويتوقع أن يطالب الوزير الباكستاني الصندوق بإعادة جدولة قروض مستحقة على بلاده بقيمة عشرة مليارات دولار حصلت عليه قبل عامين، أو بحث برنامج تمويل جديد.
وترى باكستان استحالة تمكنها من تسديد القروض في ظل الكارثة التي أضرت بالعديد من المناطق.
والكارثة التي لحقت بباكستان من شأنها أن تفاقم متاعب الاقتصاد الباكستاني، حيث تضطر الحكومة إلى التعامل مع أكثر من أربعة ملايين مشرد وتضرر ملايين آخرين، إضافة إلى الدمار الواسع الذي لحق بالمحاصيل الزراعية والبنية التحتية.
وأوضح مدير الصندوق لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى مسعود أحمد في بيان أن حجم المأساة في باكستان يستلزم مراجعة ميزانية الدولة وتوقعاتها للاقتصاد الكلي والتي يدعمها برنامج من تمويل صندوق النقد.
وأوضحت إسلام آباد أن زيارة مسؤوليها لواشنطن ستكون فرصة أيضا للتحدث مباشرة إلى الإدارة الأميركية بشأن مساعدتها في مواجهة الكارثة.
وكانت باكستان تراجعت الأسبوع الماضي عن هدف تحقيق نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.5% للسنة المالية الحالية التي تنتهي في 30 يونيو 2011 جراء تعرض البلاد لكارثة الفيضانات.
ورجحت ارتفاع عجز الموازنة إلى أكثر من 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وكانت التقديرات الرسمية السابقة تشير إلى مستوى عجز بنسبة 4% في السنة المالية الحالية.