اكد قادة السعودية وسوريا ولبنان في ختام قمتهم في بيروت على اهمية استقرار لبنان وضرورة التزام اللبنانيين بعدم اللجوء إلى العنف لحل خلافاتهم وتغليب المصلحة اللبنانية فوق أي مصلحة فئوية. في وقت تزايدت فيه التواترات على خلفيات التسريبات حول اقتراب صدور القرار الظني لمحكمة الحريري الدولية. الى ذلك، اعلنت القمة الثلاثية والتى انعقدت في قصر بعبدا وضمت الرئيس ميشال سليمان وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد، وفي بيان صدر إثر انتهائها، على أهمية الاستمرار بدعم اتفاق الدوحة واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف ومواصلة عمل هيئة الحوار الوطني. كما دعا اللبنانيين "إلى الالتزام بعدم اللجوء إلى العنف وتغليب مصلحة لبنان العليا على اي مصلحة فئوية... والاحتكام إلى الشرعية والمؤسسات الدستورية وإلى حكومة الوحدة الوطنية لحل الخلافات". ولم يتضمن البيان أي اشارة إلى المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والمكلفة بالتحقيق في قضية إغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري وقرارها الظني الذي اثارت التكهنات بشأنه وتوقع اتهام عدد من عناصر حزب الله فيه حالة توتر سياسي حادة في لبنان. وكانت القمة الثلاثية قد بدأت باجتماع مغلق بين القادة الثلاثة في قصر بعبدا، ثم فتح الاجتماع لينضم اليهم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري والوفدان السوري والسعودي اللذان ضما وزيري الخارجية السعودي سعود الفيصل والسوري وليد المعلم والمستشارة السياسية للرئيس السوري بثينة شعبان. وقدم الرئيس سليمان قلادتين هما وساما الارز الوطني من رتبة الوشاح الاكبر الى كل من الملك السعودي والرئيس السوري فيما منح الاسد نظيره اللبناني وسام امية ذا الوشاح الاكبر، ارفع وسام سوري. ثم عاد الزعماء الثلاثة إلى اجتماع مغلق ثان اقتصر عليهم، وخرج الملك السعودي منه بعد قرابة ساعة ليترك الرئيسين السوري واللبناني في اجتماع ثنائي لمدة عشرين دقيقة قبل ان يتوجه الجميع للمشاركة في حفل غداء في قاعة "25 ايار"، تاريخ انسحاب الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان في العام 2000. ودعي إلى الغداء وزراء حكومة الوحدة الوطنية التي تضم وزيرين من حزب الله الى جانب اكثر من مئتي شخصية سياسية ودبلوماسية. وكان الملك السعودي والرئيس السوري قد وصلا إلى مطار بيروت الدولي وسط اجراءات امنية مشددة. وتعد هذه الزيارة تاريخية في سياق العلاقات بين لبنان والبلدين فهي الزيارة الأولى للرئيس السوري إلى لبنان منذ اغتيال رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق قبل خمس سنوات، كما أنها الزيارة الرسمية الأولى لملك سعودي الى لبنان منذ أكثر من ستين عاما. وتجيء هذه الزيارة في وقت تصاعد فيه التوتر في الشارع اللبناني إثر الانباء التي ترددت عن احتمال توجيه المحكمة الدولية الاتهام إلى بعض عناصر في حزب الله بالتورط في عملية إغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري. وسبق الزيارة بيان مشترك صدر في دمشق عقب محادثات بين عبد الله والأسد اكدا فيه حرصهما "على دعم التوافق في لبنان" وتأييدهما "لكل ما يساهم في وحدته واستقراره". كما تأتي هذه الزيارة لتكرس منحى المصالحة بين دمشق وبيروت الذي اضطلعت السعودية الداعم القوي لرئيس الوزراء اللبناني الراحل ونجله، بدور رئيسي فيه وفي تحقيق التقارب بين العاصمتين. وقد ترجم هذا التحسن في العلاقات بين البلدين بقيام رئيس الوزراء اللبناني الحالي سعد الحريري، بأربع زيارات لدمشق منذ توليه مهماته في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وقد غادر الرئيس السوري لبنان عائدا إلى دمشق بينما تابع الملك السعودي جولته العربية متجها إلى الأردن. وكان الملك السعودي أجرى محادثات مع الأسد في دمشق، في إطار جولته في عدد من العواصم العربية التي بدأها بزيارة العاصمة المصرية القاهرة. دعم لبنان... في غضون ذلك، أكدت شخصيات سياسية لبنانية الأهمية الكبيرة للزيارة التي قام بها الرئيس بشار الأسد والعاهل السعودي عبد اللـه بن عبد العزيز إلى لبنان واجتماعهما مع المسؤولين اللبنانيين وتأكيدهما دعم لبنان ودعم وحدته الوطنية واستقراره. فيما اعتبر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن زيارة خادم الحرمين الشريفين والرئيس الأسد "تضفي استقرارا كبيرا في البلد"، ووضع قمة بيروت في إطار تقوية المبادرة التي أطلقها الملك عبدالله بن عبد العزيز في قمة الكويت، لافتا الى أنها "تهدف أيضا الى العمل من أجل المصالحات العربية في وقت تمر المنطقة بتشنجات". قال وزير الزراعة اللبناني حسين الحاج حسن خلال احتفال في بريتال البقاعية إن زيارة الرئيس الأسد والملك عبد اللـه تؤكد حرص سورية والسعودية على أمن واستقرار لبنان السياسي وهو موضع تقدير وشكر كل الشعب اللبناني. من جهته، نوه رئيس الحكومة اللبنانية السابق سليم الحص في تصريح باسم منبر الوحدة الوطنية بلقاء القمة الثلاثية موضحاً أن هذه القمة أثلجت قلوب اللبنانيين حيث وجدوا فيها فرصاً واعدة ستنعكس إيجاباً على استقرار لبنان وحماية السلم الأهلي والوحدة الوطنية. وقال: إن المهم هو أن يستغل اللبنانيون هذه المناسبة لينصرفوا إلى توطيد مقومات الوفاق الوطني وأن ينصب اهتمامهم على قضايا التنمية والتطوير على كل مستوى وفي كل مجال. من جانبه أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة بلال فرحات خلال حديث متلفز أمس أن التوافق والتواصل بين الأطراف العربية هو صمام أمان للعالم العربي إزاء أي أخطار وهو ينعكس في الوقت نفسه على لبنان وعلى المنطقة عموماً. وأكد أن القمة الثلاثية التي جمعت الرئيس الأسد والملك عبد اللـه والرئيس سليمان تصب في مصلحة الواقع اللبناني والعربي لافتا إلى أن التحديات التي تواجه الوطن العربي كله تنطوي على مخاطر كبيرة للغاية. بدوره، دعا عضو هيئة الرئاسة في حركة أمل خليل حمدان اللبنانيين إلى استثمار الزيارة المشتركة للرئيس الأسد والملك عبد اللـه لتحقيق الوحدة الوطنية وإلى استثمار الحراك العربي داخل لبنان. وأوضح أن الزيارة التاريخية أكدت حرص الزعيمين الرئيس الأسد والملك عبد اللـه على لبنان وعلى وحدته ومنع الفتنة مشيراً إلى أن أفضل وجوه الحرب ضد إسرائيل هو الوحدة الوطنية. الجامعة العربية تشيد... في غضون ذلك، رحب الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بالقمة الثلاثية التي انعقدت في بيروت وجمعت خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس اللبناني ميشال سليمان. وأشاد موسى بنتائج القمة الثلاثية واعتبرها نقطة تحول في دعم واستقرار وحدة الصف اللبناني، ومواجهة أخطار الانقسام. وأشار موسى إلى أن هذه القمة تمثل الموقف العربي الجماعي المتمثل في دعم واستقرار لبنان الداخلي، مؤكدا على ضرورة استمرار الجهد العربي لدعم لبنان واستعادة كامل قوته. وذكر موسى أن الجامعة العربية تواصل دعمها من أجل وحدة لبنان، مشيرا إلى زيارته التي قام بها إلى لبنان خلال شهر يوليو الماضي. وقال إن كل الدول العربية أبدت تضامنها ومساعدتها لكل ما تتطلبه المرحلة لخدمة مصالح واستقرار لبنان والمنطقة. من جهته، رحب زعيم قائمة العراقية إياد علاوي بالمبادرة التي قام بها العاهل السعودي مع رؤساء مصر وسورية ولبنان "لإزالة التوتر وعوامل الفرقة ولمّ الصف العربي". وقال علاوي في تصريح أمس: "نرحب بالمبادرة الإيجابية التي قام بها العاهل السعودي الملك عبد الله مع أشقائه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس اللبناني ميشال سليمان في لمّ الصف العربي وإزالة التوتر وعوامل الفرقة". وقال: إن المبادرة ستضع المنطقة في المسار الصحيح الذي يعزز استقرارها ونموها وسلامة شعوبها. وأضاف: ندعو أن تستكمل هذه المبادرة الكريمة كامل أبعادها بدعم القيادات العربية والإسلامية لها لما فيه خير العرب والمسلمين والعالم. اهتمام اعلامي بالقمة...ه حظيت القمة السورية السعودية اللبنانية باهتمام وسائل الإعلام العربية حيث وصفتها بالتاريخية وركزت على ما جاء في بيانها الختامي. وقالت صحيفة الوطن السعودية في افتتاحيتها إن الزيارة المشتركة التي قام بها السيد الرئيس بشار الأسد وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود إلى بيروت تعد دليلاً على التفاهم والتناغم السياسي بين البلدين بخصوص الأوضاع في المنطقة وهي رسالة كبيرة لجميع اللبنانيين مفادها بأن السعودية وسورية متفقتان تماما في مسألة لا تقبل القسمة على أي طرف وهي أن أمن واستقرار لبنان لا جدال فيه ولا يجب المساس به. واعتبرت الصحيفة أن القمة ستضيء للاطراف اللبنانيين شمعة نحو الوفاق وتعبد الطريق السياسي نحو التلاقي والتفاهم والدفع بالأجندات السياسية وبلورتها بشكل أو بآخر من أجل استقرار أكثر تماسكاً وأعمق في ظل التحديات التي تفرضها التهديدات الإسرائيلية أو التجاذبات الداخلية الحاصلة على الساحة اللبنانية التي قد تؤدي إلى خلق فراغ تستغله إسرائيل للتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية. بدورها قالت صحيفة المدينة السعودية إن قمة بيروت الثلاثية هي تأكيد على حرص سورية والسعودية على دعم وحدة واستقرار لبنان لتفويت الفرصة امام من يحاولون الإخلال بأمنه. وأضافت الصحيفة أن مواقف القيادتين السورية والسعودية حيال القضية الفلسطينية ثابتة بالتأكيد على المصالحة الفلسطينية الفلسطينية ولم الشمل للحفاظ على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ولمواجهة العدوان الإسرائيلي اشكاله بكافة.