تغطيات

دمشق...الحريري يوقع سلسلة من الاتفاقات الثنائية اللبنانية- السورية

اثمرت زيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لدمشق توقيع سلسلة من الاتفاقات الثنائيَة بين البلدين، بينما حققت إنجازا مهما تمثل في طلب هيئة المتابعة والتنسيق التي اجتمعت برئاسة الحريري ونظيره ناجي العطري، من اللجنة المشتركة لتحديد وترسيم الحدود البرية والبحرية، مباشرة أعمالها بأسرع وقت ممكن. فيما اكد الجانبين على عمق العلاقات الثنائية وضرورة تعزيزها.
الى ذلك، شدد الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقائه الحريري، على ضرورة وضع آليات عمل وخطط تنفيذية لتحويل الاتفاقيات، التي تم التوقيع عليها بين البلدين إلى التنفيذ العملي ومتابعتها بغية إزالة العقبات التي يمكن أن تعترض تنفيذها .
ونقل بيان رئاسي سوري تأكيد الأسد “أهمية البحث عن آفاق جديدة للتعاون ومتابعة تطوير آليات العمل المشترك في إطار رؤية استراتيجية لتحقيق التكامل بين سوريا ولبنان” . وأنه استمع إلى “ما تم إنجازه خلال اجتماع هيئة المتابعة والتنسيق، والاتفاقيات التي تم توقيعها” .
وحسب البيان السوري، أعرب الجانبان “عن ارتياحهما لتشكيل مجلس رجال أعمال مشترك الأمر الذي من شأنه أن يساهم في تعزيز التبادل الاستثماري بين البلدين وخلق شبكة مصالح” .
علاقة ودية...
ومن جهته، وصف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري علاقته بالأسد بأنها علاقة “مبنية على الصراحة والتفاهم لأن في هذا مصلحة البلدين”، وأشار إلى أن “لبنان بحاجة إلى سوريا وسوريا بحاجة إلى لبنان” . وقال “بدأت علاقة ودية لمصلحة المواطن السوري واللبناني فنحن نمثل شعوبنا التي يجب أن تستفيد من هذه العلاقة ويجب إقامة علاقة بين المؤسسات” .
وكان مكتب رئيس الحكومة اللبنانية اعلن في بيان له، أن رئيسي الوزراء السوري محمد ناجي العطري واللبناني سعد الحريري أكدا “حرص البلدين على ضرورة تفعيل عمل المجلس الأعلى السوري اللبناني وتنسيق النشاطات والمواقف في مجالات السياسة الخارجية” .
وشددا على ضرورة “تعزيز علاقات التعاون في إطار معاهدة الإخوة والتعاون، والتنسيق في المجالات الاقتصادية والسياسية والتنموية وغيرها” .
وأفاد البيان انه جرى توقيع “17 اتفاقية ومذكرة تفاهم تشمل مجالات عديدة بينها التعاون في الملاحة البحرية التجارية، وتبادل المنتجات الصيدلانية والتعاون لحماية المستهلك” . كما وقعا “اتفاقا بشأن نقل الأشخاص المحكوم عليهم، واتفاق تعاون لمكافحة المخدرات، واتفاقية تعاون في المجال الزراعي، واتفاق تعاون في مجال التربية، واتفاقا خاصا بالتعليم العالي والبحث العلمي، وبرنامجا تنفيذيا خاصا بالتعليم الفني والمهني” .
وجرى التوقيع أيضا على “اتفاق تعاون في مجال السياحة، واتفاقية للتشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، وبروتوكول ملحق باتفاقية تجنب ازدواج التكليف الضريبي ومنع التهرب الضريبي، وبرنامج تنفيذي للتعاون الثقافي، ومذكرة تفاهم وتعاون في مجال البيئة” .
وأعلنت سوريا ولبنان أنه تم الطلب من اللجنة المشتركة لتحديد وترسيم الحدود البرية والبحرية بين البلدين مباشرة أعمالها في “أسرع وقت ممكن”، والطلب من لجنة المفقودين إنجاز مهمتها ورفع تقرير إلى رئيسي مجلسي وزراء البلدين يتضمن الاقتراحات التي تساعد على إغلاق هذا الملف .
وأكد البيان المشترك الصادر عن اجتماع هيئة المتابعة والتنسيق السورية اللبنانية، التي عقدت في دمشق برئاسة العطري والحريري، أنه تم تأكيد أهمية التعاون والتنسيق في مجالي الدفاع والأمن وتكليف لجنة شؤون الدفاع والأمن وضع برنامج تنفيذي لآليات عمل اللجنة .
وتطرقت الاجتماعات، إلى الأوضاع الإقليمية والدولية وأكدت الالتزام بالعمل العربي المشترك والسعي لتحقيق التضامن العربي الفعال، وأهمية التشاور والتنسيق بين البلدين في القضايا السياسية لاسيما ما يتعلق بالصراع العربي “الإسرائيلي” .
وشدد الجانبان على “ضرورة تحقيق السلام العادل والشامل وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومرجعية مؤتمر مدريد ومبادرة السلام العربية، بما يضمن استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة بما في ذلك تأكيد حق العودة ورفض التوطين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وانسحاب “إسرائيل” التام من الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران/ يونيو ،1967 ووضع حد لاستمرار انتهاكها الفاضح لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية” .
وأكد الجانبان “ضرورة انسحاب “إسرائيل” من مزارع شبعا اللبنانية وتلال كفر شوبا والجزء الشمالي من الغجر كما تقضي قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة” .
في الجانب الاقتصادي، دعا البيان إلى مواصلة العمل على تطوير الآليات اللازمة لتسهيل انسياب السلع والبضائع بين البلدين بهدف زيادة حجم التبادل التجاري، وتأمين مقومات التكامل الاقتصادي وصولا إلى إقامة سوق مشتركة .

رئيس وزراء السوري ناجي العطري


ارث مشترك...
ومن جانبه، اعرب رئيس وزراء السوري ناجي العطري ، في مستهل الاجتماعات، عن ارتياحه العميق لهذا اللقاء الأخوي في إطار اجتماعات الهيئة التي تشكل منطلقا للارتقاء بعلاقات البلدين الشقيقين وإعطائها قوة دفع .
وأكد أن ما يجمع سوريا ولبنان “عصي على التفرقة وأقوى من رهانات الأعداء والمتآمرين، وان العلاقة السورية اللبنانية تقوم على ارث مشترك من روابط الإخوة وأواصر القربى والانتماء وعوامل التاريخ والجغرافيا والتضحيات المشتركة والتمسك بالثوابت الوطنية والقومية، وخاصة التمسك بخيار الصمود ودعم نهج المقاومة لمواجهة التحديات واستعادة الحقوق المشروعة وإفشال المشاريع والمخططات التي تستهدف أمن المنطقة واستقرارها وهوية الأمة العربية وتراثها الإنساني ومكانتها الحضارية .
 

وزير الخارجية السوري وليد المعلم

الخيانة العظمى...
وفي غضون ذلك، أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن بلاده ستحاكم أي سوري يثبت تورطه بالدليل القاطع في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في سوريا بتهمة الخيانة العظمى.
وأضاف المعلم، في تصريح إلى الصحافيين على هامش الجلسة الافتتاحية لهيئة المتابعة والتنسيق السورية اللبنانية: بدون شك لو كان الموضوع لكشف الحقيقة، فكلنا نسعى إلى كشف الحقيقة، أما إذا كان الموضوع مسيسا ويستهدف هذا الحزب أو ذاك في لبنان أو في سوريا أو في أي مكان، فهذا يعني تسيس المحكمة والابتعاد عن كشف الحقيقة.
وإذ شدد المعلم على عدم استباق الأمور، مرجحا أن تكون إسرائيل تعلم ماذا سيكون القرار (الاتهامي)، لكن نحن في سوريا نعتقد أن موضوع المحكمة شأن لبناني.
وردا على سؤال بشأن إمكان قيام الرئيس بشار الأسد، الذي استقبل الحريري بحضور العطري والوزراء المشاركين في هيئة المتابعة والتنسيق بين البلدين، بزيارة لبنان، في الوقت الذي شهدت فيه دمشق زيارات متعددة للرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الحكومة، قال المعلم مازحا: "اللبنانيون كسالى... لا يدعوننا، نحن جاهزون"، لافتا إلى أن زيارة الرئيس الأسد إلى لبنان ستتم قريبا.
وأوضح أن الزيارات الرئاسية يكون لديها جدول أعمال وهدف تحققه، وعندما يتحقق ذلك فبدون شك ستتم، الرئيس بشار الأسد وعد بزيارة لبنان الشقيق ونأمل أن تتوافر الظروف الملائمة لتكون هذه الزيارة من الزيارات التاريخية الناجحة.
وخاطب الصحافيين: أرجو ألّا تحصوا عدد الزيارات، من الآن وصاعدا ستكون أعداد الزيارات مضخمة لأن الزيارات ستكون مكثفة، نحن ولبنان الشقيق نرسم قاعدة صلبة لعلاقات مستقبلية مميزة تخدم مصالح الشعبين، وهذا يقتضي تبادل الزيارات بين المسؤوليين بشكل مكثف.
ودعا المعلم إلى النظر في قضية ترسيم الحدود بين "البلدين في الإطار الاجتماعي"، فهذا الموضوع ليس ترسيم حدود على الخرائط أو على الأرض... هناك عائلات لبنانية موجودة على الأراضي السورية وهي لبنانية، وهناك عائلات سورية موجودة على الأراضي اللبنانية وهي سورية، وبالتالي يجب أن ينظر إلى عدم معاناة المواطنين خلال ترسيم الحدود.
ترحيب لبناني...
الى ذلك، قوبلت زيارة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري دمشق على رأس وفد وزاري كبير، بمواقف مرحبة. ووصف وزير الاشغال العامة والنقل اللبناني غازي العريضي زيارة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الى سوريا بانها "استثنائية ومميزة وتعبر عن طبيعة العلاقات اللبنانية - السورية المميزة التي اشار اليها اتفاق الطائف".
واعتبر العريضي في تصريح ان "الزيارة هي تكريس وترجمة لهذه الروحية وهذه النظرة للعلاقات التي تأتي في سياق التشاور والتنسيق العميقين اللذين دارا بين المسؤولين في البلدين وتوجا بالتفاهم على اتفاقات ستوقع اليوم وتمهد الى توقيع اتفاقات جديدة بين البلدين".
وقال "في مجال النقل التنسيق قائم بشكل يومي بين الوزارتين في البلدين وحتى في اصعب الظروف لم ينقطع التنسيق بين الوزارتين لان النظرة كانت ولا تزال نظرة حرص على المصلحة اللبنانية - السورية المشتركة وعلى مصالح الشعبين في البلدين".
وعن العلاقات بين البلدين أوضح ان "الطموح لا حدود له في هذا المجال ونحن دائما في تطور إذ يجب ان نواكب تطورات العصر بما فيها خدمة الشعبين اللبناني والسوري".
بدوره، وضع وزير الصحة محمد جواد خليفه الزيارة في إطار "ترجمة الأجواء الهادئة جدا في المرحلة الاخيرة من العلاقات بين البلدين"، مشيراًإلى أن الزيارة تصب في خانة الأحاديث التي دارت عن تنظيم العلاقات بين لبنان وسورية على أساس العلاقة من دولة لدولة.
وقال خليفة لموقع "لبنان الآن" إن الزيارة أتت نتيجة الاجتماعات التي عقدت بين المسؤولين في البلدين في خلال الاشهر الاخيرة، بعدما أجروا قراءات للكثير من الاتفاقات الثنائية ووضعوا الصياغات المتعلقة اللازمة في هذا المجال او ذاك، بما يتناسب مع متطلبات المرحلة المقبلة ومع مطالب الجانبين اللبناني السوري، معتبرا أن دمشق تظهر أنها تتعامل مع لبنان من دولة إلى دولة وعلى اساس الملفات المطروحة بعيدا من المواقف السياسية لهذا الطرف او ذاك أو لهذا الوزير او ذاك، ومن الامثلة على ذلك أن وزيري "القوات اللبنانية" ابراهيم نجار وسليم وردة في عداد الوفد الوزاري إلى سورية، مشيرا إلى أن المواضيع العالقة بين لبنان وسورية ستتم معالجة بعضها، وسيتابع الحوار والنقاش حول المواضيع الاخرى.
ومن جانبه، عبر وزير العدل ابراهيم نجار في حديث الى قناة "nbn"، عن حنينه إلى سورية، مشيرا إلى انه لم يحمل معه أي رسالة من رئيس الهيئة التنفيذية لـ "القوات اللبنانية" سمير جعجع. وأوضح أن العلاقة بين "القوات" وسورية ستشهد منحى جديدا.
فيما أعرب وزير الثقافة سليم وردة لـ "nbn"، من دمشق عن ارتياحه الى الزيارة، مشيرا إلى أن "الأجواء جيدة". ولفت إلى «أن "القوات اللبنانية" لم تكن على عداء مع سورية، إنما كان هناك تباين في المواقف»، مؤكداً أنه سيحمل معه "كل خير" إلى جعجع. وأكد أنه توجه إلى سورية كوزير لبناني وليس كوزير قواتي، موضحا أنه لن يكون هناك عداء بعد اليوم بين أي فريق في لبنان وسورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى