في مؤشر جديد يؤكد أن التعافي الاقتصادي الذي تحقق مؤخرا لايزال هشا حذر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من عودة الاقتصاد العالمي إلى الأزمة المالية.
وحث دول مجموعة العشرين التي ستعقد لقاء الأسبوع المقبل في كندا على مستوى القمة على مساعدة الدول النامية من أجل إعادة بناء الاقتصاد العالمي بصورة أفضل.
ولفت الأمين العام إلى أن احتياجات أفريقيا ستكون أهم القضايا التي سيركز عليها عندما يحضر قمة العشرين.
وفي رسالة بعث بها بان إلى مجموعة العشرين -التي تشمل إلى جانب الدول المتقدمة دولا صاعدة- أكد أهمية تحقيق نمو اقتصادي شامل يعتمد على خلق فرص العمل وتوفير العمل اللائق.
وتدعو الرسالة إلى نمو أخضر يخلق الازدهار من خلال التكنولوجيا الصديقة للبيئة والنمو الاقتصادي الذي يشجع التزايد الصحي لعدد السكان من خلال نظم صحية أقوى.
ومن الأمور الأساسية التي ستبحثها القمة مسألة إعادة التوازن إلى النمو بين الدول، وهو ما يعني أن الدول التي لديها فوائض كبيرة تتوجب عليها زيادة الاستهلاك وأن تكون أكثر مرونة فيما يتعلق بأسعار العملات، في حين أن الدول المثقلة بالديون يجب أن تقتصد في الإنفاق.
الإصلاحات المالية

من جانبه حث الرئيس الأميركي باراك أوباما دول العشرين على الإسراع بتطبيق الإصلاحات المالية التي أقرت أثناء لقاءات المجموعة سابقا بهدف المحافظة على الزخم الذي يشهده نمو الاقتصاد العالمي.
وشدد في رسالة بعث بها لقادة المجموعة على أهمية ترك أسعار صرف العملات لآليات السوق، معتبرا أن من شأن ذلك أن يعزز الاقتصاد العالمي، في إشارة واضحة إلى الصين التي ترفض أي ضغوط خارجية لرفع عملتها.
ولفت إلى أن الإشارات التي تبعث بها أسعار الصرف المرنة ضرورية لمساندة اقتصاد عالمي قوي متوازن.
وقال إن على مجموعة العشرين الاتفاق على أطر مرجعية تكفل وضع حد للأزمة المالية التي تمر بها الشركات العالمية الكبرى وتضمن تحمل القطاع المالي مسؤولية أعبائه المالية.
كما عبر الرئيس الأميركي عن قلقه من تراجع الطلب من القطاع الخاص واستمرار الاعتماد على الصادرات في الدول ذات الفائض التجاري الكبير.
ودعا مجموعة العشرين للإفادة من أخطاء الماضي والضرر الذي ألحقه وقف حزم الحفز الاقتصادي قبل أوانها.
واعتبر أن التعافي الاقتصادي لأي دولة لضمان استدامته يتطلب أن يبنى على طلب عالمي متوازن، مشيرا إلى أن نقاط الضعف الكبيرة ما زالت موجودة في اقتصادات الدول الـ20.

البطالة
وكاجراء وقائي في بريطانيا نبه رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون إلى أن موظفي القطاع العام سيتحملون جزءا من خفض النفقات الذي سيتم تحديد خطوطه العريضة في الموازنة العمومية للبلاد التي سيعلن عنها بعد أيام.
وتعهد كاميرون من خلال إعداد الموازنة بمعالجة العجز البالغ نحو 11% من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بهدف استعادة ثقة المستثمرين.
ومن المرجح أن تشكل التغييرات في رواتب ومعاشات التقاعد لموظفي القطاع العام البالغ عددهم ستة ملايين شخص جزءا رئيسيا من خطة خفض العجز إلى جانب خفض الإنفاق على البرامج الاجتماعية.
وفي مقابلة مع صحيفة التايمز اللندنية أوضح كاميرون أن عملية تخفيض الرواتب من شأنها أن تحمي الوظائف، مشيرا إلى أنه لا يحمل عداوة للعاملين في القطاع العام غير أنه لا سبيل لحل عادل لتخفيض عجز الموازنة إلا باللجوء لتخفيض الرواتب.
من جانبه أشار وزير المالية البريطاني جورج أوسبورن إلى تقسيم عملية التقشف المالي التي ستتبعها الحكومة إلى قسمن رئيسيين الأول من خلال خفض الإنفاقات وتشكل 80% من المبالغ المتوقع تحصيلها، والثاني من خلال زيادة الضرائب وتشكل 20%.
وكانت الحكومة أعلنت عزمها خفض 6.25 مليارات جنيه (8.9 مليارات دولار) من الإنفاق هذا العام.
وكان كاميرون قد حذر مطلع الشهر الجاري من أن الاقتصاد البريطاني في وضع أسوأ مما كان يعتقد من قبل، مشيرا إلى أن بلاده ستواجه عدة سنوات "مؤلمة" بسبب الخفض المتوقع في الإنفاق الحكومي.
كما أشار إلى أن حكومته ورثت أرقاما متفائلة أكثر من الواقع فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي. وقال "لقد تسلمنا تركة غير مسؤولة" في إشارة إلى حجم الديون التي خلفها العهد السابق.
من جهتها قالت صحيفة بريطانية إن إجراءات خفض الإنفاق التي سيعلن عنها قد تؤدي إلى زيادة في معدل البطالة لم تشهده بريطانيا منذ سبعينيات القرن الماضي.
وأوضحت إندبندنت أن الموازنة التي سيعلنها وزير المالية جورج أوزبورن ستقلص الإنفاق الحكومي بنسبة 30% في بعض المرافق الحكومية وستتضمن أكبر زيادة ضريبية في تاريخ بريطانيا.
كما أشارت إلى أن تقديرات مكتب مسؤولية الموازنة الذي أنشأته حكومة ديفد كاميرون تقول بأن هناك احتمالات لانخفاض معدل النمو الاقتصادي وارتفاع كبير في معدل البطالة في السنوات القليلة القادمة لتصل إلى نحو 10% أي إلى 3 ملايين عاطل من 2.5 مليون حاليا.
وسيعلن أوزبورن عن التخفيضات التي ستصل إلى 27 مليار جنيه (40 مليار دولار) إضافة إلى زيادة في الضرائب تصل إلى 15 مليار جنيه.
وقالت إندبندنت إن هذه الأرقام تعني خفض الإنفاق الحكومي بنسبة الخمس مما يستتبع خفضا في عدد الوظائف الحكومية يصل إلى مليون وظيفة خلال خمس سنوات.
وكان المعهد القومي للبحوث الاقتصادية والاجتماعية توقع أن يؤدي خفض الإنفاق الحكومي في القطاع العام هذه السنة بمقدار تسعة مليارات جنيه إلى اختفاء ما بين 30 و60 ألف وظيفة حكومية.
وحذرت الصحيفة من أن يؤدي فرض الضريبة الجديدة على البنوك إلى إضعاف النظام المالي وجعله غير راغب في تقديم الائتمان للشركات وقد تكون لذلك آثار عكسية على نمو الائتمان والانتعاش الاقتصادي.
لكنها قالت إن من بين أكثر القطاعات تأثرا من الإجراءات الجديدة ستكون البطالة هي الأشد إثارة للقلق.
ويأمل الوزراء البريطانيون أن تؤدي إجراءات التقشف الجديدة إلى منع انهيار ثقة العالم في العملة البريطانية وأن تساعد بنك إنجلترا في الاستمرار في تطبيق سياسة أسعار الفائدة المنخفضة.
وحذر الأمين العام لاتحاد النقابات البريطانية برندن باربر من أي خفض كبير في الإنفاق لأنه قد يؤدي إلى ركود في النمو الاقتصادي، مضيفا أن خفض الإنفاق لن يفعل شيئا لحفز القطاع الخاص الذي يعاني حاليا من الركود.
وقالت إندبندنت إن بنك إنجلترا قد يجد نفسه مضطرا لرفع سعر الفائدة في الوقت الذي ترفع فيه الحكومة الضرائب وتخفض الإنفاق العام، وهذا يعني أن الانتعاش الاقتصادي الحالي لن يستمر.