تغطيات

أفغانستان .. المخاوف من حرب أهلية

 

توقع خبراء عسكريون بارزون نشوب حرب أهلية في أفغانستان خلال الفترة المقبلة ، وأعلنوا عن مخاوفهم من ازدياد حدة التوتر بالبلاد وسط ارتفاع أعمال العنف واضطراب الوضع الأمني .

وصرح أحد الخبراء البارزين في أفغانستان إن البلد يقترب من سيناريو نشوب حرب أهلية مروعة مضيفًا ان جزء كبيرا من السكان يعتقدون بشكل متزايد أن القوات الأجنبية تخسر الحرب التي تخوضها ضد طالبان " .

و يقول الرئيس السابق لبعثة الاتحاد الأوروبي في أفغانستان مايكل سيمبل في مقابلة مع صحيفة (الأوبزرفر) ان الوضع الأمني ينهار إلى درجة أن البلد يمكن أن ينزلق إلى فوضى أهليَّة وأردف سيمبل : " إقالة الجنرال ستانلي ماكريستال وهو أرفع مسئول عسكري أمريكي في أفغانستان الأسبوع الماضي يمكن أن تقوض ثقة الشعب الأفغاني أكثر فأكثر في مهمَّة قوات الحلفاء " .

ويضيف ان هناك إدراك واسع لدى الأفغان أن قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) لا تكسب الحرب والكثير من الناس يتوقعون الآن أن حملة الناتو مصيرها الفشل كما ان الحكومة الأفغانية غير قوية بما في الكفاية للاستمرار ، يتوقعون حدوث جولة جديدة من الحرب الأهلية ويستعدون لذلك " .

وأكد سيمبل أن سحب القوات الأجنبية ومن ضمنها القوات البريطانية التي قوامها عشر آلاف عنصر يتركَّزون في جنوب البلاد سيساعد على اندلاع حرب أهلية موضحا أن هناك مؤشرات على وجود صراع بين ثلاثة أجنحة ، وهي البشتون الموالون لطالبان والبشتون المناوئون لطالبان والجماعات غير البشتونية " .

وتسوق الصحيفة مثالًا على توتر الأوضاع في أفغانستان بتنحي المبعوث البريطاني الخاص إلى البلد السير شيرارد كوبر كولز الأسبوع الماضي بعد اصطدامه بكبار قادة الناتو والمسئولين الأمريكيين بسبب إصرارِه على أن المجهود الحربي لإنهاء العنف يمنّى بالفشل ، وأن هناك حاجة ملحة لبدء مباحثات سلام مع طالبان وفقًا لشبكة (بي بي سي) .

كما أشارت الصحيفة إلى أن قادة قمة مجموعة الثماني أعطوا للرئيس الأفغاني حامد كرزاي في بيانهم الختامي مهلة خمس سنوات لتسوية القضية الأفغانية واستلام المسئوليات الأمنية ومكافحة الفساد .

وتؤكد الأوبزرفر أن مهلة خمس سنوات يُنظر إليها على أنها بمثابة موعد نهائي لسحب القوات الاحتلال من البلد ، كما ينظر إليها على أنها إثبات لكلام رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي عبر فيه عن أمله في سحب القوات البريطانية من أفغانستان في غضون خمس سنوات .

وترى الصحيفة أن الرسالة الموجهة إلى كرزاي يمكن أن تؤجّج الخلاف بين الدول المعنية بمستقبل أفغانستان لأن البلد أبعد ما يكون عن الاستقرار .

من جهة اخرى أعلنت النرويج أربعة من جنودها العاملين في أفغانستان ليرتفع عدد قتلى القوات الدولية العاملة هناك خلال 24 ساعة إلى سبعة وقالت متحدثة باسم الجيش النرويجي إن الجنود الأربعة قتلوا عند استهداف موكبهم بقنبلة بعد ظهر الأحد في ولاية فارياب شمال أفغانستان.

يأتي ذلك بعد أن أعلن بيان لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مقتل جنديين أميركيين عاملين ضمن القوات الدولية بأفغانستان خلال عمليات قتالية، إضافة إلى عسكري ثالث قتل في انفجار قنبلة في جنوب أفغانستان.

وترتفع بذلك حصيلة قتلى القوات الدولية في أفغانستان خلال الشهر الحالي لتصل إلى ما يقارب مائة عنصر، مما يجعل يونيو الشهر الأكثر دموية بالنسبة للجنود الأجانب تحت قيادة الحلف الأطلسي منذ عام 2001.

أما بالنسبة للنرويج التي تنشر قرابة 500 جندي في البلاد معظمهم في كابل والشمال، فإن عدد قتلى جنودها ارتفع إلى تسعة.

وفي هذا الإطار، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن هناك العديد من الهواجس بشأن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان المقرر خلال عام.

وأوضح أوباما أن جل اهتمامه يركز الآن على إنجاح مهمة قواته في أفغانستان. وأضاف أن خطة سحب القوات الأميركية لا تعني "إغلاق الأبواب وإطفاء الأنوار"، مشيرا إلى الحاجة لحل سياسي إلى جانب الحل العسكري.

ويأتي ذلك في غمرة المهمة الثقيلة والمكلفة التي تواجهها القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان، خاصة أن الإحصاءات تشير إلى مقتل 313 عنصرا من القوات الدولية بأفغانستان خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي, وهو ما يرشحه لأن يكون أسوأ الأعوام لهذه القوات على الإطلاق.

واعتبر ناطق باسم حلف شمال الأطلسي ارتفاع عدد الضحايا "مؤشرا على نجاح القوات الدولية التي نقلت المعركة إلى مناطق حركة طالبان, من خلال نشر آلاف الجنود في هلمند وقندهار جنوب البلاد".

ولكن مدير وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي) ليون بانيتا اعترف بأن الحرب في أفغانستان أكثر صعوبة وأكثر بطئا مما كان يعتقد.

وشدد المسؤول الأميركي في المقابل على أن إستراتيجية واشنطن في أفغانستان تبقى الأفضل, حتى وإن كان تطبيقها صعبا. وأضاف أن السؤال المطروح هو عن مدى قبول الحكومة الأفغانية تحمل مسؤولياتها ومحاربة طالبان بعد انسحاب القوات الدولية.

 

وكانت صحيفة ذا إندبندنت البريطانية قد أوردت أن استقالة قائد القوات الدولية في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال جاءت بعد تأكيده أنه على الناتو ألا ينتظر أي تقدم في أفغانستان خلال الأشهر الستة المقبلة.

من ناحية ثانية، أعرب قائد الجيش البريطاني ديفد ريتشاردز عن اعتقاده بقرب بدء مفاوضات مع حركة طالبان كجزء من إستراتيجية الانسحاب.

وقال ريتشاردز –الذي أكد أن ذلك رأي شخصي- إن كل حملة ضد حركة تمرد عبر التاريخ كانت تشهد في وقت ما حوارا بين الجانبين.

وشدد في المقابل على ضرورة مواصلة العمل الذي تقوم به القوات الدولية في أفغانستان, حتى لا تفكر حركة طالبان في أن القوات الدولية تغادر، على حد قوله.

يذكر أن الرئيس الأفغاني حامد كرزاي عرض خطة للسلام بأفغانستان تقضي بتسليم سلاح مقاتلي حركة طالبان مقابل إدماجهم في المجتمع، وضمان لجوء قادتهم إلى إحدى الدول الإسلامية، وهو ما رفضته الحركة.

الاستراتيجيةَ الاميركيةَ
الرئيس الاميركي باراك اوباما جدَّدَ التأكيدَ أنَّ الاستراتيجيةَ الاميركيةَ في افغانستان لن تتغيرَ مُشيداً بالجنرال باتريوس الذي قال إنَّهُ سيكون "استثنائياً". في وقتٍ اقرَ وزيرُ الحرب روبرت غيتس بوجودِ صعوباتٍ في افغانستانَ رافضاً الفكرةَ القائلةَ إنَّ بلادَهُ غرِقَت في المستنقعِ الافغاني.

فلم يفلح قرار اوباما بتعيين ديفيد بترايوس قائداً جديداً لقواته في افغانستان، في انقاذ الموقف الاميركي المحرج امام الاوضاع الميدانية السيئة والخلافات العميقة على المستويين الدبلوماسي والعسكري في هذا البلد.


فبعد ان ضحى اوباما بالجنرال ستانلي ماكريستال على عجل لا يبدو ان الامور ستتجه نحو الافضل في ظل تمسك اوباما بالطاقم الدبلوماسي وتجديد ثقته بكل من السفير كارل ايكنبيري ومبعوث واشنطن الى المنطقة ريتشارد هولبروك، وهو ما اثار موجة من الشكوك في صفوف اعضاء الكونغرس حول بامكانية تحقيق اي تقدم في الميدان قبل الاقدام على تغيير كامل للفريق العامل في افغانستان.

لكن الرئيس الاميركي المتمسك بالاستراتيجة المتبعة هناك يصر على اعتبار الجنرال بترايوس شخصاً مميزاً. وهو ما اشار اليه خلال استقباله نظيره الروسي ديمتري ميدفيديف حيث كانت افغانستان محورا اساسيا في محادثات الرجلين.

وقال الرئيس الاميركي باراك اوباما: "الجنرال بترايوس يفهم الاستراتيجة في افغانستان لانه ساعد في وضعها وتوقعاتي تشير الى انه سيساعد في انجازها وانه ةلن تحصل اية هزيمة بسبب التغيير في قيادة المشهد الافغاني".

المهمة صعبة ولكنها ليست مستحيلة، هكذا يراها بترايوس وهو ما وافقه عليه وزير الحرب روبرت غيتس الذي اعطى للجنرال الجديد صلاحية القيام بتغييرات تكتيكية على ان تظل الاستراتيجية الشاملة هي ذاتها رغم الاقرار بصعوبة الاشهر القادمة.

ويقول الوزير غيتس : "نحن لا نزال على التزامنا بهذه المهمة هدفنا الرئيسي كان خلال الايام القليلة الماضية هو تقليص تأثير التطورات التي حصلت على ادارة الحرب في افغانستان، الحرب تسير بشكل ابطأ واصعب مما كان متوقعا ونحن ماضون بتنفيذ قرار الرئيس تخفيض عدد القوات بدءامن تموز / يوليو من العام المقبل".

ورغم الايحاءات الاميركية يبدو ان تداعيات اقالة ماكريستال بدات في التكشف في ظل استعداد الجمهوريين للطعن مرة اخرى في خطط الادارة الاميركية للبدء في سحب القوات خلال السنة المقبلة، وهو ما ينذر بازمة سياسية جديدة لن تكون كلفتها سهلة على اوباما واركان ادارته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى