توالت ردود الافعال السودانية والغربية عقب صدور مذكرة الاعتقال الثانية من قبل المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السودانى عمر البشير ، لدوره المفترض في اعمال العنف باقليم دارفور. فيما اعتبرت حركة العدل والمساواة الأمر انتصارا لشعب دارفور. عبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون يشعور بالقلق حيال طبيعة الاتهامات بحق الرئيس السوداني.
الى ذلك، انتقدت الحكومة السودانية قرار الجنائية الدولية التي وجهت رسميا تهمة الابادة الى الرئيس البشير ، واصفة آياها بـ"محكمة سياسية".
ونقلت وكالة الانباء السودانية عن وزير الاعلام كمال عبيد قوله في بيان: "ان اضافة تهمة الابادة الجماعية للبشير تؤكد ان "المحكمة سياسية".
واكد عبيد ان قرار المحكمة "لا يعني الحكومة السودانية في شيء وان تركيزها منصب على التنمية".
من جهته، قال ابراهيم غندور الامين السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان "ان التهمة المضافة سياسية تهدف الى ما وصفه التأثير على محادثات السودان الوطنية بشأن دارفور".
بدوره وصف عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان لدى الامم المتحدة مذكرة الاعتقال الجديدة بأنها "محاولة خبيثة ويائسة" لزعزعة الاستقرار في البلاد، مشيرا الى ان المحكمة الجنائية الدولية ضحية هزيمة نفسية بعد فوز البشير في انتخابات ابريل.
وكان قضاة المحكمة قد اعلن «هناك اسباب تدفع الى الاعتقاد بمسؤوليته الجنائية في ثلاث تهم ابادة بحق اتنيات فور ومساليت وزغاوة» الرئيسية في دارفور الذي يشهد حربا اهلية منذ 2003.
وقال القضاة انه يشتبه بان يكون البشير «66 عاما» مسؤولا عن «الابادة عبر القتل او المساس الخطير بالسلامة الجسدية او العقلية وعبر الاخضاع المتعمد لكل مجموعة مستهدفة بشروط عيش ترمي الى القضاء عليها».
وكانت غرفة الاستئناف في المحكمة الجنائية الدولية امرت في الثالث من فبراير قضاة المحكمة الابتدائية باعادة النظر في قرارهم عدم اضافة تهمة الابادة في مذكرة التوقيف التي صدرت في الرابع من مارس 2009 بحق البشير. وكان المدعي لويس مورينو اوكامبو استأنف القرار في السادس من يوليو 2009.
وفي مذكرة التوقيف الاولى التي اصدرتها المحكمة يشتبه بان يكون البشير مسؤولا بصورة غير مباشرة عن خمس تهم بارتكاب جرائم ضد الانسانية منها القتل والابادة والتعذيب والاغتصاب والتهجير القسري. كما يشتبه بانه مسؤول عن تهمتين بارتكاب جرائم حرب هما الاشراف على هجمات متعمدة ضد مدنيين والنهب.
ويرى الادعاء ان البشير مسؤول عن قتل ما لا يقل عن 35 الف مدني من الاتنيات الثلاث بين العامين 2003 و2005 وطرد واغتصاب مئات الالاف منهم.
ويحقق مدعي المحكمة الجنائية منذ 2005 في شأن اقليم دارفور «غرب السودان» الذي يشهد حربا اهلية منذ 2003 ادت الى مقتل 300 الف شخص ونزوح 2.7 مليون بحسب الامم المتحدة، بموجب قرار صادر عن مجلس الامن الدولي.
والبشير الذي وصل الى سدة الحكم في السودان قبل 21 عاما، اول رئيس دولة لا يزال في السلطة تصدر بحقه مذكرة توقيف اصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، اول محكمة دولية دائمة مكلفة محاكمة مرتكبي جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية واعمال ابادة.
وطلب القضاة من كاتب المحكمة الجنائية «اعداد طلب تعاون اضافي لتوقيف البشير وتسليمه» سيسلم للسودان وكل الدول الاعضاء في ميثاق روما وكل دول مجلس الامن الدولي غير الاعضاء في الميثاق.

قرار صائب...
وفي هذا الوقت، وصفت حركة العدل والمساواة التي تعتبر الاكثر تسلحا بين الفصائل المتمردة في اقليم دارفور ب»الانتصار» اضافة تهمة الابادة الى مذكرة التوقيف التي اصدرتها المحكمة الجنائية بحق البشير. وصرح المتحدث باسم الحركة احمد حسين لوكالة فرانس برس «نحن سعداء جدا بقرار المحكمة الجنائية الدولية. انه انتصار لشعب دارفور والانسانية جمعاء. هذا يمنح الامل لسكان دارفور بتحقيق العدالة».
كما رحبت حركة التمرد السودانية الاخرى، جيش تحرير السودان بقيادة عبد الواحد نور بقرار المحكمة الجنائية الدولية. وقال المسؤول في الحركة ابراهيم الهلو «نرحب بهذا القرار. انه قرار صائب من اجل شعب دارفور والسودانيين بشكل عام».
فيما وصف ابراهيم الهلو المسؤول في جيش تحرير السودان قرار المحكمة بانه قرار صائب من اجل شعب دارفور والسودانيين بشكل عام.

والولايات المتحدة ترحب...
ومن جانبها، اعلنت الولايات المتحدة ان على الرئيس السوداني البشير المثول امام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بعد اتهامه بارتكاب ابادة في دارفور.
وقال المتحدث باسم الخارجية الامريكية فيليب كراولي «عليه المثول امام المحكمة الجنائية الدولية والرد على الاتهامات التي سيقت ضده».
واضاف «كلما كان مثوله امام المحكمة اقرب كلما كان احسن».
وحسب كراولي فان المبعوث الامريكي الخاص للسودان سكوت غريشون، سيصل الى المنطقة الاسبوع المقبل، وسيجدد دعوته الى البشير من اجل «التعاون الكامل» مع المحكمة في لاهاي.
كي مون قلق..
وبعد اعلان قرار المحكمة الجنائية الدولية، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون السودان الى التعاون مع المحكمة.
وقال متحدث باسم الامين العام ان الاخير «قلق بشدة حيال طبيعة الاتهامات ضد الرئيس البشير». وحض الخرطوم على «دعم عمل المحكمة الجنائية الدولية في شكل كامل ومواجهة مشاكل العدالة والمصالحة».
وفي باريس، اعرب وزير الخارجية برنار كوشنير في بيان عن دعم بلاده للمحكمة الجنائية الدولية وقال «نجدد التأكيد على دعمنا للمحكمة الجنائية الدولية بوصفها ضمانة للسلام والاستقرار» موضحا انه التقى أمس الاول مدعي عام المحكمة لويس مورينو-اوكامبو. واضاف ان «الموقف الفرنسي تجاه الرئيس البشير ثابت: فرنسا مصممة كليا على التصدي للافلات من العقاب في ما خص الجرائم الاكثر خطورة التي ارتكبت في دارفور».
يذكر ان لويس مورينو أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أكد مؤخرا ان فوز الرئيس السوداني عمر حسن البشير في الانتخابات الرئاسية، لن تغير مطالب المحكمة بمثوله امام العدالة ، بدعوى ارتكاب جرائم حرب في دارفور.
وتعهد اوكامبو بالملاحقة القضائية للبشير قائلا: "ان المحكمة لن تغير قرارها وفقا لنتائج الانتخابات"، مشيرا الى انه لا يتوقع من الحكومة السودانية الالتزام بقرارات المحكمة.