تغطيات

الدول الأوروبية... الانكماش يطارد الجميع

لا زالت معظم الدول الغربية تتخوف من شبح عدم الخروج من الانكماش الاقتصادي والدخول في أزمات مالية جديدة وقد بدا ذلك واضحا من سلسلة الإجراءات التي تتخذها الدول الأوروبية.
ففي اليونان كشف وزير المالية اليوناني بابا كونستانتينو مؤخرا عن خطط تشمل خصخصة في قطاعات المواصلات وخدمات البريد والمياه قد تدر على الدولة أكثر من 1.22 مليار دولار سنويا.
وأوضح الوزير أن خطة الإنقاذ التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي تطالب اليونان بجمع إيرادات بنحو مليار يورو (1.22 مليار دولار) سنويا خلال السنوات الثلاث المقبلة ابتداء من العام المقبل، مشيرا إلى توقعات بتوفير مبلغ أكبر من ذلك.

وزير المالية اليوناني بابا كونستانتينو

وذكر الوزير أن الدولة تريد بيع 48% من شركة السكك الحديد (أو أس أي)، وكذلك بيع ما نسبته 39% من شركة البريد الحكومية هيلينيك بوست.
وأضاف أن أثينا ستعرض 10% من شركة مياه أثينا (إيداب) للبيع، وبيع 23% من شركة المياه في مدينة سالانيك (إياث)، كما ستقوم الدولة بخصخصة نواد للقمار بشكل كامل.
وأكد كونستانتينو أن الحكومة -التي ستخصخص بعض القطاعات بشكل جزئي- ستواصل ضمان سيطرتها على الخدمات العامة التي تمس حياة المواطنيين بشكل مباشر.
وقبلت اليونان المثقلة بالديون والتي تعاني عجزا كبيرا في الموازنة، خطة الإنقاذ التي تبلغ قيمتها 110 مليارات يورو (134.3 مليار دولار) مقابل خطة تقشف صارمة وخصخصة بعض المرافق لتوفير إيرادات إضافية.
وقد أثارت خطة التقشف اليونانية وما زالت تثير غضب النقابات العمالية التي دعت إلى عدة إضرابات عامة واحتجاجات في الشوارع.
كما يتوقع أن ينخفض بصورة كبيرة إنفاق الحكومة الألمانية بسبب تعافي الاقتصاد بسرعة من الركود مما يؤدي إلى هبوط في عجز الموازنة.
وأظهرت أرقام للموازنة أن العجز سيصل إلى 65 مليار يورو (81 مليار دولار) هذا العام بالمقارنة مع 80 مليار يورو في تقديرات سابقة.
وطبقا لأرقام الموازنة فإن الحكومة تتوقع أن يصل العجز إلى 57.5 مليار يورو أي أقل بـ20 مليارا عن تقديرات سابقة.
وكانت الحكومة قالت إنها تعتزم خفض العجز بمقدار 80 مليار يورو بحلول 2014، بما في ذلك أكثر من 11 مليارا في العام القادم، وسيتم تحقيق أكثر من نصفه عن طريق خفض الإنفاق.
كما ذكرت أنها ستوقف الاقتراض وأنها ستحقق موازنة متوازنة بحلول 2016.
وبعد فترة الركود الاقتصادي وهو الأسوأ في 60 عاما وبعد انكماش الاقتصاد بنسبة 4.9%، بدأ الوضع الاقتصادي لألمانيا في النمو بسبب تحسن الصادرات.

وتقول الحكومة الألمانية إن اقتصادها سينمو بنسبة 1.4% هذا العام، لكن خبراء يقولون إن هذا الرقم متشائم بصورة كبيرة.
وستوضح الحكومة في بيانها المصاحب للموازنة أن ألمانيا تقف كمثال لمنطقة اليورو وأنه لم يكن يوجد أي بديل لخفض العجز.
وسيقول البيان إنه "من أجل استقرار عملتنا ومن أجل تخطيط مستقبلنا فإن سياسة مالية قوية يجب أن تكون المهمة المركزية لجميع أعضاء الاتحاد الأوروبي

وفي بريطانيا أعلنت وزارة المالية البريطانية أن الحكومة الائتلافية طلبت من إدارات عديدة التخطيط لتخفيضات محتملة في الإنفاق تصل إلى 40%، وهو ما يزيد بكثير عما أعلن في موازنة طارئة الشهر الماضي.
ويأتي السعي لتخفيض الإنفاق بهدف خفض الدين العام الذي تعاني منه الموازنة الحكومية نتيجة لخطط حفز الاقتصاد في فترة الركود خلال العامين الماضيين.
وتم استثناء قطاعات التعليم والصحة والدفاع من مستوى التخفيضات القياسي وطُلب من وزارات كثيرة إعداد تقارير بشأن تأثير تخفيضات تصل إلى 40% على الخدمات.
وقال متحدث باسم وزارة المالية إنه طلب من الإدارات بحث سلسلة من التخفيضات المحتملة.وأوضح المتحدث أن افتراضات التخطيط تلك ليست تسويات نهائية ولا تلزم الخزانة أو الإدارات بتسويات نهائية، مشيرا إلى أن هذه الافتراضات سيتم التفاوض عليها.
ولابد من الانتهاء من المقترحات المتعلقة بكيفية خفض 40% من الإنفاق بحلول نهاية الشهر الجاري على الرغم من عدم وجود تأكيد بأنها ستشكل جزءا من الموازنات الحكومية الرسمية في أكتوبر/ تشرين الأول.

 وزير المالية البريطاني جورج أوسبورن

وكان وزير المالية جورج أوسبورن قد أعلن الشهر الماضي معدل خفض الإنفاق في الموازنة الطارئة بنسبة 25%، وهو ما عد في حينه أكثر الموازنات صرامة منذ عشرات السنين حيث خفض الإنفاق وزاد من الضرائب لتجنب مواجهة مصير دول مثقلة بالديون مثل اليونان.
ويمثل خفض العجز الذي يصل إلى نحو 11% من إجمالي الناتج المحلي أكبر أولويات الحكومة الائتلافية الجديدة التي تضم حزب المحافظين الذي يمثل يمين الوسط وحزب الديمقراطيين الأحرار الذي يمثل يسار الوسط.
وحذر رئيس الحكومة ديفد كاميرون الشهر الماضي من أن الاقتصاد البريطاني في وضع أسوأ مما كان يعتقد من قبل، مشيرا إلى أن بلاده ستواجه عدة سنوات "مؤلمة" بسبب الخفض المتوقع في الإنفاق الحكومي.

رئيس الوزراء الصيني وون جياباو

كما أشار إلى أن حكومته ورثت أرقاما متفائلة أكثر من الواقع فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي. وقال "لقد تسلمنا تركة غير مسؤولة" في إشارة إلى حجم الديون التي خلفها العهد السابق.
وفي الصين أكد رئيس الوزراء وون جياباو أن الاقتصاد الصيني لا يزال يواجه تهديدات جراء توقف الانتعاش العالمي. وأشار إلى أن بلاده لم تعد خططا لإجراء تغييرات رئيسة في سياساتها الاقتصادية.
وقال وون "في الوقت الراهن وضعنا الاقتصادي جيد، ولكن البيئة الاقتصادية المحلية والدولية معقدة للغاية".
وأضاف أنه يتعين على الصين العمل لتعزيز الاستقرار والنمو السريع نسبيا للاقتصاد المحلي وإعادة هيكلة الاقتصاد وإدارة توقعات التضخم لضمان تحقيق أهداف الحكومة للعام 2010.
وانتعشت الصين بسرعة من الأزمة العالمية بسبب نفقات الحفز الهائلة وتوسع سياسة الإقراض المصرفي, لكن الزعماء الصينيين يؤكدون أن الانتعاش الصيني لا يزال عرضة لمخاطر انكماش التجارة.
كما يتوقع القادة الصينيون أن تؤثر أزمة الديون الأوروبية على الطلب على السلع الصينية وقال وون "إن شدة الأزمة المالية الدولية والصعوبات التي تعترض الانتعاش الاقتصادي قد تجاوزت التوقعات, لذا سنستغرق جهودا كبيرة من أجل حل بعض المشاكل الهيكلية المزمنة، ولكن أيضا نحن بحاجة إلى حل بعض المشاكل القائمة والملحة".
وتسعى بكين لدعم الطلب المحلي للحد من الاعتماد على الاستثمار والتصدير لدفع النمو, وشهد الإنفاق الاستهلاكي ارتفاعا، ولكن الملايين من فرص العمل لا تزال تعتمد على الصناعات التصديرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى