محليات

سمو الشيخ ناصر يؤكد حاجة السلطتين الى صيغة للحوار الواعي والتعاون

الكويت -  أكد سمو الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء اليوم حاجة السلطتين التشريعية والتنفيذية الى صيغة عملية للحوار الواعي البناء والتعاون الايجابي بما يكرس ثوابت العمل المشترك في اطار احكام الدستور والقوانين والتشريعات.
وقال سمو الشيخ ناصر المحمد في الخطاب الاميري الذي القاه في افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي ال13 ان ذلك الحوار البناء من شأنه ارساء نهج متقدم لتعاون ايجابي يكرس ثوابت العمل المشترك في اطار احكام الدستور واللائحة التنفيذية لمجلس الامة وسائر القوانين والتشريعات المعمول بها لاسيما في استخدام ادوات الرقابة البرلمانية دون مساس بهذا الحق او تنازل عن أي اختصاص.
واضاف ان التعاون المنشود لا يحمل أي قصد او غاية لمصادرة الحق الدستوري للعضو في الاستجواب او المساءلة بل هو في حقيقته مطلب دستوري ليس فيه انتقاص من هيبة المجلس ولا يعني زيادة في هيمنة الحكومة وتمثل في التطبيق الصحيح لاحكام المادة (50) من الدستور التي تنظم مبدأ الفصل بين السلطات مع تعاونها وعدم تجاوز أي منهما على غيرها.
وشدد سمو رئيس مجلس الوزراء على عزم الحكومة على متابعة المسيرة الديمقراطية في ترسيخ دولة القانون والمؤسسات مبينا ان الديمقراطية في الكويت "لم تكن فرضا وما جاءت من فراغ وليست مكتسبا طارئا بل ولدت حية في وجدان أبناء الكويت منذ وجودهم".
واستعرض سموه ما قامت به الحكومة تجاه عدد من القضايا التي شهدتها الساحة المحلية أخيرا مستذكرا في الوقت ذاته بعض النتائج المهمة حول سير العمل وما تم انجازه بالمشروعات الحكومية لخطة التنمية السنوية.
وعلى الصعيد الخارجي أكد سمو الشيخ ناصر المحمد التزام دولة الكويت بنهجها الثابت في سياستها الخارجية التي تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها والتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وبذل كل جهد يسهم في تحقيق الامن والسلام والاستقرار في مختلف مناطق العالم.
وفيما يلي نص كلمة سمو الشيخ ناصر المحمد بسم الله الرحمن الرحيم "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان" صدق الله العظيم الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر الأخوات والأخوة الأعضاء المحترمين السلام عليكم ورحمه الله وبركاته الحمد لله الذي بنعمه تتم الصالحات والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه الأكرمين ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين .
أما بعد فان خير ما نباشر به أعمالنا مع افتتاح هذا الدور البرلماني أن نتوجه الى الباري عز وجل نسأله سبحانه وتعالى أن يكتب لنا السداد والتوفيق لنكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا في استكمال مسيرة البناء الوطني.
الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر الأخوات والأخوة الأعضاء المحترمين واذا كانت المادة (104) من الدستور تستوجب عند افتتاح دور الانعقاد السنوي لمجلس الأمة أن يتضمن الخطاب الأميري أحوال البلاد وأهم الشؤون العامة التي جرت خلال العام الماضي وما تعتزم الحكومة اجراءه من مشروعات واصلاحات خلال العام الجديد غير أنه يجدر بنا أن نعترف بداية بأن حصيلة الحصاد لم تبلغ القدر المنشود من الانجازات التنموية على مستوى القطاعات المختلفة بقدر ما شهدت على امتداد الدور التشريعي السابق من حراك عشوائي في الممارسة النيابية فيما تضمنه من استجوابات ومساجلات أشاعت أجواء غير مريحة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وهو ما أدى الى هدر وقت وجهد المجلس والحكومة معا.
وفي هذا الصدد فقد شهدت البلاد خلال العام المنصرم العديد من الأحداث والتطورات التي لا يمكن اغفالها أو تجاوزها ويمكن الاشارة اليها بما يلي أولا - شهدت الساحة المحلية مؤخرا تطاول أحد المتهمين الهاربين بالاساءة الى رموزنا الاسلامية والمساس بثوابتنا الوطنية محاولا اشاعة الفتنة والشقاق واثارة النعرات الطائفية البغيضة بين أبناء المجتمع الكويتي.
وقد كان لجميع أهل الكويت بكافة أطيافهم ومذاهبهم وقفتهم الواعية المشهودة برفض تلك الاساءات المشينة وتفويت الفرصة على من يريد شرا بالكويت مؤكدين التزامهم بوحدتهم الوطنية وتمسكهم بتعاليم اسلامنا الحنيف وقيمه السمحاء.
ولعله من الانصاف التنويه بالتحرك الجاد والخطوات الحكيمة التي قامت بها الحكومة في مواجهة تطورات هذا التصرف الخبيث واحتواء آثاره وتجنب ما كان يمكن أن يترتب عليه من أبعاد تطال النظام الاجتماعي والأمن الوطني.
كما أنه لمن دواعي اعتزازنا أن نعرب عن بالغ الارتياح والتقدير للتجاوب الواعي والتعاون المأمول الذي أبداه الأخوة أعضاء مجلس الأمة والمواطنون جميعا وكذلك وسائل الاعلام المحلية ازاء الاجراءات الأمنية التي قامت بها الجهات المعنية المسؤولة لتجنب تلك الفتنة البغيضة وسمومها المدمرة.
ثانيا - تتصدر مشكلة "المقيمين في البلاد بصورة غير قانونية" قائمة الاهتمام على المستوى الرسمي وهي المشكلة الأكثر تعقيدا وتشابكا على الساحة المحلية.
وقد قامت الحكومة بتكليف المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية بما يضمه من أعضاء على درجة عالية من الاختصاص والخبرة والكفاءة بتشكيل لجنة معالجة أوضاع "المقيمين بصورة غير قانونية " لتوفير الآليات والأدوات الكفيلة بايجاد الحلول الناجعة للمشكلة بالتعاون مع مختلف الجهات ذات العلاقة وقد انتهت اللجنة المكلفة من تقديم مقترحاتها العملية الكفيلة لمعالجة هذه المشكلة على نحو شامل يراعى كافة الاعتبارات الأمنية والانسانية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والحكومة في سبيل اعتماد هذه الحلول ومباشرة العمل على تنفيذها وهي تهيب بكافة السلطات ومؤسسات المجتمع وأفراده بالتعاون والعمل على اعتبار الحل لهذه المشكلة مشروعا وطنيا شاملا يشترك الجميع في انجازه وتحقيق أهدافه.

ثالثا.. بعض النتائج الهامة حول سير العمل وما تم انجازه بالمشروعات الحكومية لخطة التنمية السنوية - 1- موقف المتطلبات التشريعية بخطة التنمية لقد أثمر التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية عن انجاز عدد من المتطلبات التشريعية للخطة الانمائية متوسطة الأجل حيث تم اصدار ثلاثة تشريعات في المجال الاقتصادي وثلاثة تشريعات أخرى في مجال التنمية البشرية والمجتمعية ومن المتوقع أن يتم انجاز المتطلبات التشريعية للخطة قبل الموعد المحدد ومن أبرز التشريعات التي صدرت وتدعم مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ما يلي -القانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن انشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية.
-القانون رقم 37 لسنة 2010 في شأن تنظيم برامج وعمليات التخصيص.
-القانون رقم 8 لسنة 2010 في شأن حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة.
-القانون رقم 6 لسنة 2010 بشأن العمل في القطاع الأهلي.
-القانون رقم 50 لسنة 2010 بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 47 لسنة 1993 في شأن الرعاية السكنية.
2- موقف المتطلبات المؤسسية بخطة التنمية - من أبرز المتطلبات المؤسسية التي تم تنفيذها..
- تم اصدار مرسوم انشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وفقا للقانون رقم 7 لسنة 2010 كما تم تشكيل هيئة المفوضين.
- اتخاذ الاجراءات الأولية تمهيدا لانشاء المجلس الأعلى للتخصيص وفق القانون رقم 37 لسنة 2010 .
- فقد تم ارسال مشروع قانون انشاء الهيئة العامة لتنظيم الاتصالات والمعلومات تمهيدا لاعتماده واحالته على مجلس الأمة.
3- موقف انجاز المشروعات الاستراتيجية والتنموية القائدة.. حيث تعطي الدولة مزيدا من الاهتمام للمشروعات الاستراتيجية والتنموية القائدة باعتبارها قاطرة التنمية في المرحلة القادمة ومن أبرز تلك المشروعات ..
أ - مجموعة الشركات المساهمة العامة والتي تغطي مجالات تنموية هامة وتوسع مجالات مشاركة القطاع الخاص ومشاركة المواطنين في تمويل مشروعات التنمية والاستفادة من عوائدها وقد تقرر طرح خمس شركات مساهمة عامة خلال العام المالي 2010 / 2011م.
ب - مجموعة المشروعات التنموية القائدة والتي تقدم اسهامات هامة لدعم التحول الى مركز مالي وتجاري وكذلك دعم شبكة الأمان الاجتماعي للمواطنين الكويتيين وتطوير وتحديث الخدمات العامة لهم خاصة الخدمات الصحية والتعليمية.
ومن أبرز الانجازات التي تحققت في هذا المجال..
- توقيع المرحلة الأولى لميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان.
- تشغيل المرحلة الأولى من محطة الزور الشمالية للكهرباء ويتم الاعداد لتنفيذ محطة الزور الجنوبية لتحلية المياه.
- يتم الاعداد لمشروع القانون الخاص بانشاء هيئة عامة لادارة جزيرة بوبيان ومدينة الحرير.
- اعداد العقد الاستشاري للشركة المساهمة العامة للتأمين الصحي.
- توقيع عقد مستشفى جابر الأحمد والبدء في عمليات التنفيذ.
- توقيع عقود 4 مدارس جديدة من أصل 9 مدارس مدرجة خلال العام الحالي.
وقد تعاونت السلطتان التنفيذية والتشريعية على اعداد المقومات التشريعية اللازمة لانطلاق عملية التنمية وتوجت هذه الجهود باصدار وثيقتي الخطة التنموية متوسطة الأجل السنوية وقد حشدت الحكومة مواردها البشرية والمالية لتنفيذ مشروعات الخطة السنوية (2010/2011) وهو ما يشكل احدى ركائز التفعيل الحقيقي لمنهج التعاون الايجابي التنموي البناء بين الحكومة ومجلس الأمة لدعم جهود التنمية وتضم الخطة السنوية مجموعة من المشروعات الاستراتيجية والقائدة ومشروعات تنموية للجهات الحكومية حيث يتم تنفيذها وفق اطار زمني واضح ومحدد وهي تهدف الى تحقيق مستهدفات وسياسات التنمية البشرية والمجتمعية وتطوير السياسات السكانية والصحية والتعليمية والسكنية والعلمية والمعلوماتية وشؤون المرأة والشباب والفكر والفن والثقافة.
كما تهدف الى تطور سياسات النمو الاقتصادي والقاعدة الانتاجية ودعم وتوسيع دور القطاع الخاص وتطوير البنى التحتية وشؤون البيئة وكذلك البنى الادارية والتشريعية والمعلوماتية.
وفيما يلي بعض ملامح خطة التنمية السنوية..
- بلغ عدد مشروعات الخطة 884 مشروعا.
- تتوزع مشروعات الخطة بين جهات التنمية البشرية والمجتمعية (399 مشروعا) والجهات الاقتصادية (154 مشروعا) وجهات الادارة العامة والتخطيط والاحصاء والمعلومات (53 مشروعا) والجهات الأخرى (278 مشروعا).
- يصل اجمالي تكلفة مشروعات الخطة الى (5) مليارات دينار تستحوذ تكلفة المشروعات الانشائية على النصيب الأكبر منها (بنسبة 84 في المئة).
- ساهمت الخطة السنوية الأولى في البدء في تنفيذ 153 سياسة تتصدرها سياسات التنمية البشرية وعددها (85) ثم السياسات الاقتصادية وعددها (41) ثم سياسات الادارة والتخطيط والاحصاء والمعلومات وعددها (27) وسعيا لتحقيق الانجاز الأمثل لهذه المشروعات فقد حرصت الحكومة على توفير آليات ومنهج ونظام أداء ومتابعة فعاله لسياسات ومشروعات الخطة السنوية (2010/2011) تحقيقا للغايات المنشودة.
- تم الانتهاء من تنفيذ مشروعات توليد الطاقة الكهربائية بطاقة 1360 ميجاوات ومشروعات لانتاج المياه بقدرة 75 مليون جالون ويجري استكمال طرح مشروعات توليد الطاقة الكهربائية بطاقة 1900 ميجاوات ومشروعات لانتاج المياه بقدرة 132 مليون جالون.
- تم تنفيذ 387 كيلو مترا من الطرق في مناطق الكويت المختلفة وينتظر انجاز 660 كيلو مترا خلال المتبقي من سنوات الخطة.
وسوف تتقدم الحكومة قريبا الى مجلسكم الموقر بتقرير شامل يتضمن التفاصيل الكاملة لسير العمل في تنفيذ تلك المشروعات ومراحل انجازها.
الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر الأخوات والأخوة الأعضاء المحترمين ان التزام دولة الكويت راسخ بنهجها الثابت في سياستها الخارجية التي تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتسعى بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة الى بذل كل جهد يسهم في تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في مختلف مناطق العالم.
لقد تابعت دولة الكويت باهتمام بالغ تطورات مفاوضات السلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والاسرائيليين والتي جرت مؤخرا في الولايات المتحدة الأمريكية ونؤكد بهذا الصدد أن تعطل تلك المفاوضات جاء بسبب التعسف والصلف الاسرائيلي بالاصرار على سياسة التوسع الاستيطاني التي تشكل نسفا لكل الجهود الهادفة الى تحقيق السلام واننا ندعو الأطراف الدولية وبصفة خاصة الولايات المتحدة بوصفها راعية لعملية السلام والرباعية الدولية والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي بأسره لتحمل مسؤولياتها بانهاء الواقع المأساوي الذي يعيشه الأشقاء الفلسطينيون والضغط على اسرائيل لحملها على وقف الاستيطان وقبولها بقرارات الشرعية الدولية تحقيقا للسلام العادل والشامل والدائم الذي ننشده جميعا والذي لن يتحقق الا من خلال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس انطلاقا من مبدأ الأرض مقابل السلام والمبادرة العربية.
لقد شهد العالم أزمة اقتصادية خانقة في العام الماضي طالت آثارها السلبية جميع الدول والشعوب وقد استطاعت دولة الكويت احتواء تداعيات هذه الأزمة والحد من انعكاساتها بفضل الجهود والتدابير المدروسة التي بادرت الحكومة باتخاذها منذ بداية الأزمة ولعل ما يدعو للارتياح ما تشهده الحالة الاقتصادية الدولية من مؤشرات ايجابية تبعث على التفاؤل ازاء مستقبل أفضل للانسان في كل مكان.

لقد كان للكوارث الطبيعية اثر مدمر على اقتصاديات العديد من الدول النامية ونجم عنها خسائر هائلة في الأرواح والممتلكات وقد كان من أبرزها الزلازل المدمرة التي ضربت كلا من جمهورية هاييتي الصديقة وجمهورية تشيلي الصديقة وكوارث الفيضانات التي تعرضت لها كل من جمهورية باكستان الصديقة وجمهورية اندونيسيا الصديقة وكذلك الحادث الفريد في تاريخ البشرية الذي تعرض له عمال احد المناجم في جمهورية تشيلي الصديقة ونجوا منه بعد طول معاناة.. ودولة الكويت اذ تشيد بالجهود الدولية التي قام بها المجتمع الدولي في مواجهة آثار تلك الكوارث ورفع المعاناة عن المتضررين منها فانها كعهدها دائما لم تتأخر عن المساهمة في دعم تلك الجهود وتقديم المساعدات الانسانية الممكنة التي من شأنها التخفيف من معاناة وآلام شعوب تلك الدول.
الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر الأخوات والأخوة الأعضاء المحترمين انه لجدير بنا في هذا اليوم أن نجسد القدرة والسداد سبيلا لالتزامنا بمسؤوليات الأمانة التي نحمل مؤكدين عزمنا واصرارنا على متابعة مسيرتنا الوطنية في ترسيخ دولة القانون والمؤسسات ومنابرها العامرة بمشاعل الديمقراطية التي ستبقى وهاجة على هذه الأرض الطيبة باذن الله.
جميعنا يعلم أن الديمقراطية في الكويت لم تكن فرضا وما جاءت من فراغ وهي ليست مكتسبا طارئا وانما ولدت حية في وجدان أبنائها منذ وجودهم ليتحقق لهم هذا الانجاز الذي أرسى قواعده أهل الكويت جيلا بعد جيل ولتبقى الموروث الأمين على ما أكرمنا به الله من خير وفير حتى أصبحت مصدر فخر واعتزاز لنا أمام العالم كله وباذنه تعالى ستبقى راسخة في مواجهة الرياح الدخيلة ثابتة في مسارها الوطني القويم فهي حصينة منيعة بكل أبنائها المخلصين وبأيدينا أن نحفظها أداة للوحدة تجمع وتؤلف وتوفق ولن نسمح بأن تكون أداة للفرقة والانقسام والضعف.
لا شك أن الممارسة الديمقراطية اذا سلمت من الشوائب والمثالب كان لها الغلبة دائما في حسم الأمور لجهة المصلحة العامة وقد يكون من المفيد الدعوة الى مراجعة موضوعية واعية لمحصلة الدور التشريعي الماضي وصولا الى قواعد وأعراف مستقرة لممارسة العمل البرلماني في اطار الدستور والقانون تتواكب معه ثمار الجهود في بلوغ آمال المواطنين وطموحاتهم وما تحتاجه العملية التنموية من انجازات.
لقد أثبتت التجربة فعلا أيها الأخوة والأخوات الأفاضل حاجة السلطتين التشريعية والتنفيذية الى صيغة عملية للحوار الواعي البناء بما يؤدي الى ارساء نهج متقدم لتعاون ايجابي يكرس ثوابت العمل المشترك في اطار أحكام الدستور واللائحة التنفيذية لمجلس الأمة وسائر القوانين والتشريعات المعمول بها وعلى الأخص في استخدام أدوات الرقابة البرلمانية دون مساس بهذا الحق أو تنازل عن أي اختصاص فالتعاون المنشود لا يحمل أي قصد أو غاية لمصادرة الحق الدستوري للعضو في الاستجواب والمساءلة اذ انه في حقيقته مطلب دستوري ليس فيه انتقاص من هيبة المجلس ولا يعني زيادة في هيمنة الحكومة ويتمثل في ذلك التطبيق الصحيح لأحكام المادة (50) من الدستور التي تنظم مبدأ الفصل بين السلطات مع تعاونها وتمنع تجاوز أي منها على غيرها والفقرة الأخيرة من المادة (115) من الدستور والتي جاء فيها "لا يجوز لعضو مجلس الأمة أن يتدخل في عمل أي من السلطتين القضائية والتنفيذية".
الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر الأخوات والأخوة الأعضاء المحترمين اننا جميعا مطالبون بالاستفادة من تجربتنا البرلمانية وعدم تكرار ما سلف من مبالغة في الخروج على الضوابط التي رسمها الدستور وأقرتها تشريعات العمل المؤسسي وذلك تحاشيا لنتائج باهظة الثمن وتجنبا لأحمال ثقيلة تنال من المكتسبات وتهدد الثوابت الوطنية.
واذا كنا قد اتخذنا من الحرية المسؤولة والديمقراطية من خلال القنوات الشرعية اطارا ومنهجا ثابتا باعتبارها من المسلمات التي لا تقبل الجدل أو المزايدة فان الحراك السياسي في أي مجتمع اذا كان ضمن حدوده المشروعة لهو دلالة صحة وحيوية هذا المجتمع ولا يمكن أن تكون نتائجه الا قيمة مضافة تصب في مصلحة الوطن وتقدمه وازدهاره ولكن المبالغة في تسييس الأمور واخضاعها لغايات وأهداف ومصالح قصيرة على حساب المصلحة العامة وانتهاج الفوضى واثارة الفتن والتحريض والتجريح والمساس بكرامات الناس بديلا عن الاحتكام للقانون واحترام هيبته أصبحت مصدر قلق الجميع ولا يمكن أن ننتظر منها الا الفرقة والانقسام والضعف والنار التي تأتي على الأخضر واليابس الأمر الذي لم يعد يسمح بالتساهل ازاءه حيث أننا أمام مسؤولية وطن وشعب تستوجب المبادرة الى اتخاذ كافة التدابير والخطوات الكفيلة لضمان التطبيق الجاد للقانون على الجميع بلا استثناء وصيانة الوحدة الوطنية وحماية الثوابت والقيم والمبادئ التي يحرص أهل الكويت على الالتزام بها على مر الأجيال المتعاقبة بما في ذلك ما يستوجبه الأمر من اصدار التشريعات الضرورية في هذا الشأن والتي نأمل من مجلسكم الموقر اقرارها تحقيقا للمصلحة الوطنية العليا.
الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر الأخوات والأخوة الأعضاء المحترمين تشهد منطقة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص مرحلة بالغة الدقة والخطورة تعج بالصراعات والتجاذبات بأبعادها السياسية والاقتصادية والطائفية ومن الحكمة أن ندرك أننا لسنا بمعزل عن انعكاساتها وشرورها بما تنطوي عليه من مخاطر وتهديدات لأمننا الوطني الأمر الذي يوجب علينا أن نسد كل ثغرة يمكن أن يتسرب منها ما يعرض أمننا ووحدتنا للخطر وأن نعمل على تفويت الفرصة على من يريد ببلدنا شرا وما أحوجنا والحال هذه الى وقفة تأمل مع الذات نستنهض فيها القدرة على تصحيح المسار باستقامة القرار وتجسيد الوحدة والتلاحم وهو ما يضع المجلس والحكومة أمام مسئولياتهم التاريخية في العمل الجماعي باتجاه المحافظة على مقومات أمن الوطن في الحاضر والمستقبل.
الأخ رئيس مجلس الأمة الموقر الأخوات والأخوة الأعضاء المحترمين ان الكويت هي الأمانة التي عاهدنا الله جميعا على الوفاء بمسؤولياتها وليس من سبيل الا في تكريس دولة القانون والمؤسسات حيث لا صوت يعلو على القانون ولا تجاوز لسلطة على أخرى.
أما قضاؤنا فسيبقى موضع تقديرنا واعتزازنا وهو على عهده ميزان العدالة على هذه الأرض الطيبة اذ لا مساس بنزاهة وتجرد وصلابة وانصاف رجالاته في احقاق الحق ولطالما كان الملاذ الأمين والحصن المنيع لأهل الكويت ولكل مقيم على أرضنا الطيبة.
ان علينا أن نحسن قراءة معطياتنا ولتكن خطواتنا واثقة متزنة فلا حاجة بنا الى الاندفاع غير المحسوب في كل الاتجاهات ونحن بأمس الحاجة الى التعاون وليس من الحكمة أن نبالغ في الطموح بمعزل عن الواقع وأن نهدر الوقت ونحن أمام مسؤوليات كبرى في مرحلة سريعة الخطى نحتاج فيها الى ارادة واعية وقلوب زاخرة بالايمان وعقول عامرة بالعلم ونفوس مشرقة بالمودة ورابطة جامعة لنا كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
ان الله شاهد على صدق نوايانا وأكيد عزمنا على تحدي الصعاب وتجاوز العقبات وصولا بمشيئته تعالى وتوفيقه إلى ما يتطلع إليه أهلنا من عزة ورخاء.
ربنا سدد لنا خطانا وأصلح لنا أعمالنا وأجعل حاضرنا خيرا من ماضينا ومستقبلنا خيرا من حاضرنا وأسبغ على هذا البلد أمنا ونعيما مقيما.
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى