محليات

الدستورية توضح حيثيات حكمها برفض طعن الحكومة بقانون تعديل الدوائر الانتخابية

الكويت /  قضت المحكمة الدستورية في جلستها اليوم برئاسة رئيس المحكمة المستشار فيصل عبدالعزيز المرشد برفض الطعن المقدم من الحكومة بعدم دستورية المادتين الاولى والثانية من القانون رقم 42 لسنة 2006 باعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الامة.
ونص منطوق الحكم على ان طلب الحكومة "ليس طلبا للتفسير" تتحرى بشأنه المحكمة خلافا بين اطرافه حول تفسير نص في الدستور "انما هو طعن مباشر" بعدم الدستورية مرفوع من مجلس الوزراء طبقا للبند (أ) من المادة الرابعة من قانون انشاء المحكمة.
واوضحت المحكمة ان الرقابة الدستورية التي تباشرها "يقف مجالها عند حد التحقق من مدى موافقة التشريع المطعون عليه لاحكام الدستور وهي رقابة لها طبيعة قانونية لا جدال فيها وبالتالي فلا يسوغ التحدي بان التشريع الذي تراقب المحكمة دستوريته مهما بلغت اهميته وابعاده وآثاره يعتبر عملا سياسيا او ان استنهاض اختصاصها اقحام لها في المجال السياسي او التحدي بمعاملة تشريع معين باعتباره من الحقوق الثابتة لأي من السلطتين التشريعية والتنفيذية لا يجوز نقضه اذ ان من شأن ذلك ان يفرغ رقابة الدستورية من مضمونها".
واشارت الى ان الدستور رسم لكل سلطة من السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية حدود اختصاصها ووظائفها وصلاحياتها ولم يجعل اي سلطة منها تعلو على الاخرى فجميعها خاصغة للدستور وكل منها تستمد كيانها واختصاصها من القواعد التي رسمها لها الدستور ولا يجوز لها بالتالي الخروج عن احكامة ولا صحة في القول بأن التشريعات التي تصدرها السلطة التشريعية محصنة وراء تعبيرها عن ارادة الامة ولا هي صاحبة السيادة في الدولة".
واضافت ان السيادة هي للامة طبقا لصريح نص المادة (6) من الدستور كما ان ارادتها جرى التعبير عنها في الدستور مشيرة الى ان النص الوارد في المادة (108) من الدستور بأن عضو المجلس يمثل الامة بأسرها يعني ان يكون عضو المجلس مستقلا كل الاستقلال عن ناخبيه وليس اسيرا لمؤيديه من ابناء دائرته تابعا لهم يرعى مصالحهم الخاصة البحتة وانما يرعى المصلحة العامة دون تجاوز هذا المعنى.
واوضحت ان المحكمة الدستورية "مقيدة في قضائها بنطاق الطعن المطروح عليها والمناط في اعمال رقابتها الدستورية" مبينة انه "حسبما استقر عليه قضاؤها ان يكون اساس الطعن هو مخالفة النصوص التشريعية المطعون عليها لنص في الدستور ولا شأن للمحكمة في بحث مدى ملاءمة هذه النصوص ولا ما ظهر فيها من قصور ومثالب من جراء تطبيقها ولا بالادعاء بأن تلك النصوص لم تؤت اكلها وتحقق غاياتها".
وقالت ان "هذه الامور يستدعي معها النظر في تعديلها اذا كانت غير وافية بالمرام وذلك بالاداة القانونية المقررة طبقا للدستور بيد انها لا تصلح ان تكون سببا للطعن عليها بعدم الدستورية لخروج ذلك عن مجال الرقابة القضائية لهذه المحكمة".
وذكرت المحكمة ان المادة الاولى من القانون المذكور باعادة تحديد الدوائر الانتخابية نصت على ان "تقسم الكويت الى خمس دوائر انتخابية لعضوية مجلس الامة طبقا للجدول المرافق لهذا القانون" كما نصت المادة الثانية من ذات القانون على ان "تنتخب كل دائرة عشرة اعضاء للمجلس على ان يكون لكل ناخب حق الادلاء بصوته لاربعة من المرشحين في الدائرة المقيد فيها ويعتبر باطلا التصويت لاكثر من هذا العدد".
وقالت ان طعن الحكومة انصب نطاقه "على نص المادتين المذكورتين" وذلك فيما تضمنتاه من تحديد الدوائر الانتخابية ونطاق كل دائرة ومكوناتها وعدد الاعضاء الممثلين لها في مجلس الامة وعدد المرشحين الذين يجوز للناخب الادلاء بصوته لهم "وعلى اغفال" الجدول المرافق للقانون ادخال بعض المناطق من هذه الدوائر بالقول ان هاتين المادتين المطعون عليها اخلتا بمبادىء العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وهو ما انعكس اثره سلبا على صحة وسلامة تمثيل الامة في مجلسها النيابي بالمخالفة للمواد (7 و 8 و 29 و 108) من الدستور مستهدفة الحكومة بطعنها القضاء بعدم دستورية نص المادتين سالفتي الذكر برمتهما.
واضافت ان طعن الحكومة "وقد تحدد نطاقه على هذا النحو وكان الدستور الكويتي لم يحدد الدوائر الانتخابية التي يقسم اليها اقليم الدولة ولم يضع قيودا في شأن تحديد عددها ولا في عدد النواب الممثلين لكل دائرة وانما ترك ذلك للمشرع يجريه بما له من سلطة تقديرية في هذا الشأن واكتفى الدستور بالنص في المادة (81) منه على ان تحدد الدوائر الانتخابية بقانون اي بتشريع يتناول تحديد هذه الدوائر اما على اساس عدد السكان او على اساس جغرافي".
وقالت المحكمة "لما كان ذلك وكانت المحكمة لا تملك الزام المشرع بتحديد عدد الدوائر الانتخابية او تقسيمها على نحو معين بالتالي فانه ليس من شأن تحديد القانون في المادة الاولى منه الدوائر الانتخابية بخمس دوائر ان يشكل في حد ذاته مخالفة لنص الدستور فضلا عن ان العبارة التي استهل بها النص على ان (تحدد الدوائر ...) تنصرف الى تحديد التخوم بين دائرة واخرى بما يفيد عددها".
واضافت ان "هذه المحكمة مجردة من الوسائل القضائية التي تعيد بها تحديد هذه الدوائر ومكونات كل دائرة منها بادخال المناطق المقول بان الجدول المرافق للقانون قد اغفل ادراجها ضمن اي من الدوائر الانتخابية المشار اليها".
وقالت ان المحكمة "لاحظت من استعراضها للمراحل التشريعية التي مر بها تحديد الدوائر الانتخابية ان الاسباب والدوافع التي اشارت اليها الحكومة في طلب الطعن لا تعدو ان تكون هي ذات الاسباب والدوافع التي اشارت اليها المذكرات الايضاحية للقوانين المتعاقبة الصادرة في هذا الشأن والتي اقتضى معها النظر في تعديل تحديد الدوائر اكثر من مرة كان آخرها القانون رقم (42) لسنة 2006 المشار اليه والذي صدر بعد ان وافق عليه مجلس الامة".
وتطرقت الى ما اثارته الحكومة في طلب الطعن المتعلق بنظام التصويت في كل دائرة بما لا يجاوز اربعة مرشحين الوارد في نص المادة الثانية من القانون بالقول ان هذا النظام قد تم استغلاله في ارتكاب مخالفات انتخابية وانه قد اسفر تطبيقه عن اوجه قصور وظهور سلبيات ونتائج لم تعبر بصدق عن طبيعة المجتمع الكويتي وتمثيله تمثيلا صحيحا مضيفة ان "ما ذكرته الحكومة في هذا السياق لا يكشف بذاته عن عيب دستوري ولا يصلح سببا بهذه المثابة للطعن بعدم الدستورية لانحسار رقابة هذه المحكمة عنه".
واضافت انه "لا وجه لما تثيره الحكومة من ان القانون في تحديده لمكونات كل دائرة في الجدول المرافق له لم يكن متوازنا نظرا للتفاوت بين عدد الناخبين في هذه الدوائر وانه كان من شأن هذا التفاوت على النحو الوارد به ان تفاوت الوزن النسبي لصوت الناخب في كل منها بحيث صار للناخبين في الدوائر الانتخابية الاكثر كثافة اصوات وزنها اقل من وزن اصوات الناخبين في الدوائر الاقل بما يخل بمبدأ المساواة مستندة في ذلك على بيان احصائي جرى عام 2012 اذ انه فضلا عن ان المساواة المقصودة ليست هي المساواة المطلقة او المساواة الحسابية فانه لا يسوغ في مقام الوقوف على مدى دستورية القانون التحدي بواقع متغير لتعييب القانون توصلا الى القضاء بعدم دستوريته".
وقالت المحكمة في حكمها انه "ترتيبا على ما تقدم يكون الطعن على غير اساس حريا برفضه فلهذه الاسباب حكمت المحكمة برفض الطعن".

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى