أكد رئيس الصندوق الدولي للتنمية الريفية (ايفاد) كانايو نوانزى أهمية دور دولة الكويت القيادي الرائد في انشاء الصندوق من أجل العمل الفعال للحد من الفقر والجوع عبر التنمية ما يحق لها الفخر بالانجازات الناجحة.
وقال نوانزى في مقابلة خاصة مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) ان الكويت تعد أحد مؤسسي الصندوق واضطلعت بدور قيادي في المنظمة لافتا الى دور الكويت الحاسم في انجاح المفاوضات الدولية التي أدت الى انشائه في عام 1977 .
واشار الى "الاسهام الهام الذي قدمته الكويت عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في تشكيل مهمة الصندوق ومجال عمله لافتا الى تولي الكويتي فوزي السلطان قيادته بنجاح في الفترة بين عامي 1993 و2001" .
وشدد رئيس (ايفاد) على ان "للكويت حق الفخر بانجازات ونجاحات (ايفاد) التي حققتها خلال 35 عاما من تأسيسه من خلال الاسهام الكبير في زيادة انتاج الغذاء ومساعدة ملايين الأشخاص على النمو والافلات من دائرة الفقر".
واوضح ان الكويت ظلت داعما سخيا للصندوق بجانب دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى في سعيها المعهود للوصول الى الفقراء مشيدا بدور الكويت في هذا المجال.
وذكر نوانزي ان الكويت كانت دوما بلدا يمكننا الاعتماد عليه سواء في حالات الطوارئ الانسانية أو في دعم المبادرات الانمائية مشيرا الى قيام الكويت برفع مساهمتها في التجديد الثامن لموارد الصندوق الى 12 مليون دولار ليبلغ اجمالي مساهماتها 188 مليون دولار.
وقال ان الكويت قدمت 15 مليون دولار بالاضافة الى 7ر52 مليون دولار للمساهمة في تمويل ثلاثة مشروعات في بوروندي والمغرب واليمن مضيفا ان رعاية تجهيز (قاعة الكويت) التي افتتحها مع نائب المدير العام للصندوق الكويتي هشام الوقيان بمقر الصندوق اليوم دليل على "العلاقة الخاصة التي تربط بين الكويت والصندوق ودورها الفاعل فيه".
واكد رئيس الصندوق الدولي للتنمية الريفية عدم اكتفاء دولة الكويت بدعم (ايفاد) بوصفها مانحا رئيسيا بل تخصيصها نسبة مرتفعة من اجمالي ناتجها القومي لمساعدة البلدان النامية بشكل ثنائي من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية وفي اطار المؤسسات المالية متعددة الأطراف لاسيما صندوق الأوبك للتنمية الدولية (اوفيد) والصندوق العربي الذي تستضيف مقره.
وشدد على أهمية المبادرة السباقة التي أطلقها حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الجديدة لانشاء (صندوق الحياة الكريمة) والذي تبرع فيه بأول مساهمة قيمتها 100 مليون دولار لدعم تكاليف المنتجات الغذائية الأساسية للفقراء المعوزين وتشجيع برامج الانتاج الغذائي.
وأكد نوانزي ان هذه المبادرة لاقت "ترحيبا كبيرا يعكس روح التضامن الأصيلة لدى الكويت مع الجوعى والفقراء" وأبدى استعداد الصندوق بخبرته المتميزة والمتراكمة على مساعدة الكويت في تجهيز وتنفيذ برامج الانتاج الغذائي.
واشار في هذا المجال الى مساهمة التعاون بين الصندوق والكويت في تعزيز مشاريع التنمية الاقليمية والبرامج البحثية في اقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بالتركيز على زيادة استفادة الفقراء من التمويل الريفي والتصدي للبطالة بين الشباب وتحسين ادارة الأراضي والموارد المائية.
وذكر رئيس ايفاد أن الصندوق استثمر أكثر من 150 مليون دولار في منح لتمويل أنشطة البحوث الزراعية وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا في المجال الزراعي ما ادى الى النفع بشكل مباشر أو غير المباشر على الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وأشار رئيس الوكالة الدولية المتخصصة في التنمية الريفية الى أن منحه ساهمت في دعم نمو القطاعات الزراعية وقطاعات تجهيز الأغذية في بلدان مجلس التعاون مثل معالجة نخيل البلح وأمراض الماشية وتنمية الموارد البحرية وتشجيع الاستخدام الرشيد للموارد المائية واستحداث نظم الري بالمياه المالحة والماء المسوس (نصف المالح) في انتاج العلف.
وحول المخاوف المتنامية من عودة الأزمة الغذائية العالمية قال رئيس الصندوق الدولي للتنمية الريفية (ايفاد) ان ارتفاع أسعار الغذاء أدى في الأسابيع الأخيرة الى صعود مؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء العالمية الى مستويات مماثلة لمستويات منتصف عام 2008 .
واضاف ان هذا الارتفاع يرجع بدرجة كبيرة للارتفاع الاستثنائي في أسعار السكر وزيوت الأكل واستمرار ارتفاع أسعار القمح والذرة ووصولها الى مستويات مرتفعة فيما تظل أسعار الأرز أقل من مستواها في عام 2009 وأسعار الزيوت أقل بمقدار الثلث عن مستوى الذروة في منتصف 2008 .
واوضح نوانزي أن ارتفاع أسعار الغذاء يعكس اختلالات أساسية بين سرعة تنامي الطلب على الغذاء وبطء وتيرة التنامي على العرض وما تزيده سوءا الصدمات الناجمة عن تغير المناخ معربا عن اعتقاده عدم استبعاده انتشار هذه الصدمات واكثر شدة في المستقبل ما يزيد من تفشي الوضع الحالي.
ودعا الى التعامل مع المشكلات الأساسية المتسببة في ارتفاع الأسعار بدلا من التركيز فقط على بذل الجهود على مستوى السياسات الرامية الى تهدئة ارتفاع الأسعار.
واكد رئيس (ايفاد) أن "مسألة كفالة الأمن الغذائي للمجتمعات الريفية الفقيرة تشكل أهمية قصوى للصندوق" اذ ان السبيل الوحيد لضمان توفر الكم الكافي من الغذاء بأسعار ميسورة يأتي بزيادة الانتاج والعرض على المستويين المحلي والوطني داعيا الى توخي اليقظة رغم التقديرات بزيادة انتاح الحبوب في بلدان العجز الغذائي منخفضة الدخل بنسبة 5ر2 في المئة.
واشار الى اجبار الأزمة الغذائية عام 2008 العالم على وضع الزراعة في مكانها الصحيح على رأس جداول الأعمال الوطنية والاقليمية والعالمية لافتا الى أن الأزمة المالية عام 2009 وضعت أولويات أخرى نافست الزراعة في استقطاب بؤرة الاهتمام العالمي.
ودعا نوانزي المجتمع الدولي الى استيعاب المخاطر التي يكتنفها تكرر اندلاع الأزمة الغذائية والتصدي لها بتوجيه مزيد من الاستثمارات في الانتاج الزراعي على نحو عاجل.
وعن دور الصندوق قال ان (ايفاد) اضطلع بدور ريادي في دعم الملايين من صغار المزارعين لزيادة انتاجهم لتوفير الغذاء لأنفسهم ولزيادة اسهامهم في ضمان الأمن الغذائي للجميع مشيرا الى تولي 500 مليون من صغار المزارعين توفير الغذاء لأكثر من ملياري نسمة يحتاجون الى مزيد من الدعم.
وشدد على عزم الصندوق زيادة استثماراته في قطاع زراعة أصحاب الحيازات الصغيرة اذ تمكن بالفعل من زيادة استثماراته بنسبة 50 في المئة الى ثلاثة مليارات دولار للفترة بين عامي 2009 و2012 فيما يعتزم تحقيق زيادة أخرى مماثلة لتصل الى 5ر4 مليار دولار للفترة بين عامي 2013 و 2015.
واكد رئيس (ايفاد) "اهمية أن نكفل الوفاء بجميع الالتزامات والوعود التي قطعتها مجموعة الثمانية وغيرها من المحافل الدولية في خضم الأزمة وعلينا واجب مشترك تجاه الأطفال والنساء والرجال الذي يأوون الى فراشهم جوعى كل ليلة".
وشدد على ضرورة التصدي لقضية تقلب أسعار الغذاء وأسبابها كما يتسبب انتقال أثر الأسعار العالمية على المستوى المحلي في الغالب بالضعف ولا يؤثر في جميع الحالات على أسعار الأغذية الأساسية الأخرى كما تتأثر الأسعار المحلية أكثر بعوامل مثل التقلبات المناخية وتكاليف النقل.
واعتبر نوانزي ان القضية الرئيسية للصندوق تتمثل في خفض درجة تقلب الأسعار وأجواء عدم اليقين التي تواجه المنتجين والمستهلكين الريفيين الفقراء اذ يعتمد على تعزيز الدعم لزيادة انتاج صغار المزارعين الغذائي وتعزيز وصولهم الى الأسواق لتعظيم الفوائد.
وأوضح ان الصندوق يهدف الى مساعدة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة وغيرهم من فقراء الريف على المشاركة النشطة في ريادة الأعمال وتحسين مستواهم المعيشي بصورة كبيرة وتمكينهم من الاستثمار والانفاق سواء في أعمالهم التجارية الخاصة أو في اقتصادهم المحلي لاخراج أصحاب الحيازات الصغيرة من دائرة الكفاف الى دوائر الأسواق.
وقال ان هدفنا الأسمى يتمثل في تمكينهم بطريقة يتسنى لهم من خلالها زيادة انتاجهم الزراعي وتحقيق أثر أكبر على الأسواق والأسعار.
وحول نتائج الأهداف الانمائية للألفية لتصنيف عدد الجياع في العالم بحلول 2015 وأسباب اخفاقها قال رئيس (ايفاد) نوانزي ان (تقرير الفقر الريفي) الصادر عن الصندوق يؤكد بقاء الفقر العالمي كظاهرة ضخمة متفشية في الريف لوجود نسبة 70 في المئة من اجمالي عدد الفقراء الاشد فقرا البالغ 4ر1 مليار نسمة فيها على الرغم من التحسن على مدار الاعوام العشرة الماضية بانتشال نحو 350 مليون ريفي من دائرة الفقر المدقع.
وذكر ان العقد المنصرم شهد انخفاض المعدل الكلي للفقر المدقع في المناطق الريفية في الدول النامية للذين يعيشون على أقل من 25ر1 دولار يوميا من 48 الى 34 في المئة بفضل المكاسب الهائلة في شرق اسيا وتحديدا الصين.
واشار نوانزي الى عدم وجود تحسن في المناطق الأخرى خاصة أفريقيا جنوب الصحراء اذ "ينبغي بذل جهود ضخمة واجراء استثمارات كبيرة لتحسين الوضع وتحقيق تقدم مطرد نحو تحقيق الأهداف الانمائية للألفية" لافتا الى تعهد قادة العالم العام الماضي بتخصيص 22 مليار دولار لتنمية الزراعة في الدول النامية.
واعتبر ان تعهد القادة يعد بمثابة اقرار بأهمية الاستثمار في الزراعة لبلوغ الهدف الانمائي الأول في خفض نسبة الذين يرزحون تحت وطأة الفقر المدقع والجوع الى النصف منبها الى وجود خمس سنوات "أمامنا لتحقيق ذلك الهدف اذ يظل الطريق أمامنا شاقا".
وأوضح رئيس ايفاد أن خبرة الصندوق الطويلة أثبتت ان الزراعة هي عمل تجاري ويعمل الصندوق على جعل زراعة أصحاب الحيازات الصغيرة مشروعا زراعيا مربحا بتوفير الدعم السليم والاسهام في انشاء قطاع ريفي مزدهر تلبي فيه المنتجات والخدمات المنتجة الطلب المحلي ما يحفز النمو المستدام للوظائف غير الزراعية في مجالات الخدمات والتجهيز الزراعي والتصنيع على نطاق صغير.
واعتبر أن "التحدي يتمثل اليوم في المساعدة على بناء قدرة أصحاب الحيازات الصغيرة ومنظماتهم لتمكينهم من تنفيذ متطلبات الأعمال التجارية الكبيرة وتشجيع الأعمال التجارية على تعديل نماذجها لتشمل صغار المنتجين الزراعيين" والاسهام بتسريع وتيرة التقدم لبلوغ الأهداف الانمائية والوصول الى عالم متحرر من الفقر والجوع.
واكد رئيس الصندوق الدولي "عدم التمكن من تحقيق التقدم نحو بلوغ الأهداف الانمائية للألفية في عالم يتسم بالتكافل الا اذا تعاملنا مع تحديات الانتعاش الاقتصادي وتغير المناخ وتمكين المرأة والدول المتضررة والهشة".
وشدد على اهمية وجود قيادة وطنية قوية لتحقيق التنمية الفعالة ودور المعونة الذي يبقى مبينا "أننا لن نتمكن من بلوغ الأهداف الانمائية للألفية" في حال عدم الاستمرار في اتباع نهج مواصلة الأعمال كالمعتاد".