هنأ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دولة الكويت الصديقة قيادة وشعبا بالذكرى الخمسين للاستقلال والعشرين للتحرير والخامسة على تولي سمو امير البلاد مقاليد الحكم.
وقال لافروف في حديث ادلى به لوكالة الانباء الكويتية (كونا) "ان هناك دلالة عميقة في تزامن ذكرى حصول دولة الكويت على استقلالها مع الذكرى العشرين لتحرير البلاد من احتلال النظام الصدامي هذا العام".
واضاف "اننا ننظر الى الازمة التي اندلعت في الكويت في عامي 1990 - 1991 على انها نقطة تحول في تاريخ الدبلوماسية العالمية والدور الذي تؤديه منظمة الامم المتحدة".
واعرب لافروف عن قناعته بأن تلك الاحداث التي تزامنت مع انتهاء المجابهة بين الاحلاف العالمية ونهاية الحرب الباردة شكلت نموذجا للجهود السياسية والقانونية والدبلوماسية المشتركة والشاملة للمجتمع الدولي الرامية الى ايجاد حلول لمشكلة معقدة مثل العدوان على دولة الكويت.
واوضح ان التجربة التي تبلورت في ذلك الحين اصبحت مطلوبة من اجل الجهود الجماعية الهادفة الى معالجة الازمات في الشرق الاوسط مشيرا على وجه الخصوص الى عمل اللجنة الرباعية الدولية الخاصة بالشرق الاوسط ووضع نهاية لحرب لبنان التي اندلعت عام 2006 باتخاذ مجلس الامن الدولي قراره رقم 1701 ووضع خاتمة للاحداث في قطاع غزة نهاية عام 2008 وبداية 2009 من خلال القرار الدولي رقم 1860.
وشدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على ان بلاده اتخذت موقفا مبدئيا حيال القضية الكويتية معيدا الى الاذهان البيان الذي اصدرته الحكومة السوفياتية في الثاني من اغسطس عام 1990 وطالبت فيه بسحب فوري وغير مشروط للقوات العراقية من الاراضي الكويتية كشرط لمعالجة الوضع الخطير الناشئ في منطقة الخليج.
وذكر ان البيان السوفيتي اكد ضرورة استعادة سيادة دولة الكويت واستقلالها وسلامة اراضيها بالكامل والذود عنها قائلا "تمسكنا بهذا الموقف خلال جميع المراحل اللاحقة لتسوية النزاع انطلاقا من قناعتنا بعدم جواز اللجوء للقوة لمعالجة قضايا الخلاف مهما بلغت درجة تعقيدها".
واوضح ان هذا الموقف المبدئي كلف روسيا ثمنا غاليا لأنها تخلت عملا بالقرارات الدولية عن تعاونها مع العراق الذي كان يعود على خزينة الدولية بمليار ونصف المليار دولار سنويا.
وطالب لافروف بإغلاق بقية الملفات التي لا تزال عالقة حتى الان معربا عن دعم روسيا للجهود الرامية الى تطبيع العلاقات الكويتية - العراقية وحل المسائل المتعلقة باستيضاح مصير المواطنين الكويتيين في عداد المفقودين وكذلك الأرشيف الكويتي.
واشاد لافروف بالعلاقات القائمة بين روسيا ودولة الكويت قائلا انها تتطور بصورة ديناميكية ملاحظا في الوقت نفسه "وجود طاقات لتنشيط التعاون الثنائي والتي يتوجب تفعيلها لمصلحة الجانبين".
واثنى الوزير الروسي على اداء اللجنة الحكومية الثنائية المشتركة للتعاون العملي والتكنولوجي والتجاري والاقتصادي ومجلس الاعمال الروسي الكويتي قائلا انهما "يعملان بنشاط" ولاحظ وجود بوادر مشجعة في مجال الاستثمارات الكويتية في روسيا في القطاعين العام والخاص.
ووصف لافروف كذلك التعاون بين البلدين في المجال العسكري والتكنولوجي بأنه "مقبول" مشيرا الى اتساع رقعة الصلات في مجالات الثقافة والتعليم بمشاركة الاقاليم الروسية.
ودلل لافروف على ذلك بالزيارة التي قام بها اعلاميون وسينمائيون من جمهورية الشيشان الى دولة الكويت أخيرا بهدف ترتيب اطر التعاون المشترك.
وردا على سؤال طرحته (كونا) حول اقامة منظومة امنية في منطقة الخليج العربي اوضح وزير الخارجية الروسي ان المهمة الاساسية التي برزت امام المجتمع الدولي بعد تحرير دولة الكويت في نهاية فبراير عام 1991 تمثلت في البدء وبدون تأخير في بلورة هيكلية اقليمية لمرحلة ما بعد الازمة والاتفاق حولها.
وقال ان العنصر الاهم في هذه الهيكلية تمثل في تشكيل منظومة امنية قادرة ليس فقط على وضع نهاية للاحداث التي شهدتها المنطقة بل وضمان عدم حدوث مجابهات مسلحة في المستقبل.
ولاحظ "ان الكثير من الوقت مضى منذ ذلك الحين وهذه المهام مازالت شاخصة وملحة" مشيرا الى ان "معدلات التوتر في هذه المنطقة الاستراتيجية لم تتراجع" واضاف "بالطبع ان اسباب هذا التوتر مختلفة الان تماما".
وشدد لافروف على القول ان المبادرة الروسية لاقامة منظومة امنية في المنطقة كفيلة بمعافاة المناخ الاقليمي مشيرا الى استناد هذه المبادرة الى مبادئ المساواة والشمولية والتأكيد على عدم وجود بديل عن الحلول السياسية والاستناد الى احكام القانون الدولي.
واعرب عن قناعته بأن المبادرة الروسية تنسجم تماما مع مصالح جميع دول المنطقة داعيا القيادة الكويتية الى دعم الافكار الروسية اسوة بعدد من الدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي.
واعرب لافروف عن امله في ان تتم مناقشة هذه المسائل مع نظرائه وزراء خارجية دول المجلس خلال اللقاء الاول للحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي المقرر عقده في مارس المقبل.
وفي معرض اجابته عن سؤال آخر ل(كونا) حول سبل الخروج من ازمة الملف النووي الايراني اكد وزير الخارجية الروسي ضرورة معالجة هذه الازمة حول طاولة المفاوضات مشددا على عدم وجود بديل للحلول السياسية الدبلوماسية لهذه المشكلة.
ولاحظ لافروف ان ايران تعتبر عضوا في معاهدة عدم انتشار الاسلحة النووية وتقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية تبعا لذلك بمراقبة سبل استخدام المواد النووية في هذه البلد مبرزا ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تسجل خروج ايران عن الاهداف المعلنة في هذا المجال.
واضاف "ان لدى الوكالة المذكورة تساؤلات حول النشاط الايراني السابق في المجال النووي تتطلب التوضيح" مؤكدا وقوف روسيا الى جانب سد جميع هذه الثغرات على اساس اتخاذ ايران خطوات اضافية لاضفاء الشفافية وتنفيذ قرارات مجلس الامن الدولي.
وطالب لافروف في الوقت نفسه المجتمع الدولي بفتح الافاق امام طهران لكي تعلم ماذا سيحدث مع برنامجها النووي والى ما ستؤول اليه العقوبات سواء التي قام مجلس الامن الدولي او بعض الدول بشكل احادي الجانب بفرضها ضد ايران.
وذكر الوزير الروسي ان المفاوضات التي جرت في اسطنبول في يناير الماضي بين الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن لدى الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون وسكرتير المجلس الاعلى للامن القومي سعيد جلالي بمشاركة ممثلي مجموعة الدول الست "اظهرت بجلاء ضرورة ان تستند الجهود اللاحقة على المسار الايراني الى مبادئ التقدم على مراحل وعلى اساس التحرك المتبادل".
واوضح ان "ذلك يعني التزام ايران بتنفيذ جميع مطالب مجلس الامن الدولي ومجلس مدراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفي الوقت نفسه تمكن ايران من رؤية الضوء في نهاية النفق".
ودعا لافروف الى مواصلة الحوار مع ايران على اساس هذه المبادئ مشيرا الى ان مجموعة الدول الست ذات موقف موحد في سعيها لايجاد تسوية عاجلة لازمة الملف النووي الايراني واستعدادها لمواصلة المفاوضات.
وفي معرض حديثه ل(كونا) عن الجهود التي تبذلها روسيا لدفع عملية السلام في الشرق الاوسط اعرب لافروف عن اسفه لدخول هذه العملية مجددا في مأزق خطير نتيجة للتطورات المعروفة التي شهدتها المنطقة.
وحذر وزير الخارجية الروسي من خطورة حدوث تطور غير متوقع للوضع المتفجر اصلا مؤكدا ان بلاده تعمل بصفتها عضوا في مجلس الامن الدولي واللجنة الرباعية الدولية على دعم الجهود الرامية الى استئناف العملية التفاوضية بين الفلسطينيين والاسرائيليين حول قضايا الحل النهائي بغرض تحقيق الهدف الاساسي المتمثل في اقامة دولة فلسطينية مستقلة مترابطة في حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تعيش الى جانب اسرائيل في امن وسلام.
واعاد وزير الخارجية الروسي الى الاذهان ان بلاده دعت في الخريف الماضي الى عقد جلسة وزارية للجنة الرباعية الدولية التي تقرر اخيرا ان تعقد في ميونيخ في الخامس من فبراير الجاري.
وشدد لافروف على ان الجهود الجماعية المنسقة تشكل عنصرا مهما للتحرك نحو السلام الى جانب الارادة السياسية للاطراف المباشرة المعنية بالنزاع.
وقال "اننا نرى ان المهمة الاساسية تتمثل في مساعدة الاطراف المعنية للعودة الى طاولة المفاوضات" مشددا على تمسك بلاده بالقاعدة القانونية الدولية المعروفة للعملية السلمية والتي جرى التاكيد عليها في بيان موسكو الذي صدر عن اجتماع اللجنة الرباعية في 19 مارس 2010 والتي تشمل قرارات مجلس الامن الدولي ذات الصلة ومبادئ مدريد والمبادرة السلمية العربية.
واضاف لافروف "نحن نطرح هذه القضية خلال اتصالاتنا مع اطراف النزاع ودول الاقليم البارزة الى جانب المنابر الدولية" مشيرا في هذا الخصوص الى الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف أخيرا الى الاردن والاراضي الفلسطينية.
وذكر ان المباحثات التي اجراها الرئيس ميدفيديف مع العاهل الاردني عبدالله الثاني ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس جرت في جو من الثقة والصدق وتركزت على مناقشة قضية التسوية في الشرق الاوسط.
وقال "ان شركاءنا يجمعون على امكانية تجاوز ازمة عملية التسوية السياسية في المنطقة من خلال التخلي عن الخطوات احادية الجانب والالتزام الصارم بمبادئ القانون الدولي".
وشدد لافروف على ان النشاط الاستيطاني الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة يشكل العقبة الاساسية امام عملية التسوية مجددا ادانة بلاده سوية مع المجتمع الدولي لسياسة الاستيطان الاسرائيلية.
واوضح ان الدعوة لعقد مؤتمر موسكو الخاص بالشرق الاوسط والتي حظيت بدعم جميع الاطراف المعنية مازالت قائمة.
واعرب لافروف عن قناعته ان من شأن استئناف الحوار الفلسطيني - الاسرائيلي المباشر واتسامه بالديمومة والجدية ان يخلق المقدمات الضرورية للتحضير لمؤتمر موسكو وعقده