بغداد / أكد رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم وجود نوايا صادقة من الجانبين العراقي والكويتي لحل كل القضايا المشتركة والتحديات التي تواجههما معربا عن الترحيب بكل ما من شأنه الدفع باتجاه تعزيز العلاقات بينهما. وقال الحكيم خلال لقائه هنا وفدا اعلاميا كويتيا زائرا ان "هناك نوايا صادقة من الجانبين لحل كل القضايا المشتركة والتحديات" مبينا ان صدق النوايا والرغبة تعكسه اجتماعات مسؤولي البلدين "المغلقة وليس في الاعلام فقط".
واضاف ان علاقات البلدين والشعبين الشقيقين يجب "الا تختزل بالجانب الرسمي" في اشارة الى ضرورة ان تمتد تلك العلاقات لتشمل الجوانب الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والاعلامية وغيرها.
واعتبر الحكيم ان الطريق "الامثل" لتعزيز العلاقات هو ترسيخ المصالح الاقتصادية والشعبية المشتركة لانها ستفرض على الحكومات العمل بما يضمن استمرارها ويعزز ذلك. ورحب في هذا الصدد بكل المقترحات التي تصب في مسار تعزيز علاقات البلدين على المستوى الاقتصادي مثل انشاء منطقة حرة بين الجانبين معربا عن السعادة بوجود شركات كويتية تحمل تراخيص للعمل في مجال الطاقة والنفط وغيرها في العراق.
وقال "يسعدنا ان نرى دولة الكويت ضمن الدول الأخرى المستثمرة في بلدنا مثل تركيا ولبنان وغيرها وهذا ينسجم مع ما تدعو اليه حكومتا البلدين وما يشدد عليه سفيرا البلدين".
وتعليقا على التصريحات غير المسؤولة من قبل بعض وسائل الاعلام والبرلمانيين في البلدين بما يسيء الى العلاقة العراقية الكويتية قال ان "الحل الامثل لا يكمن في تكميم الافواه بل في مواجهة تلك التصريحات من خلال جبهة اعلامية ونيابية واسعة من الجانبين تتكفل بالرد على المسيئين الذين يجب الا يعطوا حجما اكبر منهم".
وعن الوضع العراقي بعد كسر الجمود في تشكيل الحكومة العراقية اوضح الحكيم "يجب الا يستغرب المراقبون توصل مختلف الاطراف الى اتفاق بعد ان كان لكل منها وجهات نظر متباينة خلال المخاض الطويل الذي أفضى الى التوافق على تكليف نوري المالكي باعادة تشكيل الحكومة".
واضاف "ليس في الامر مسرحية او تزييف او تدليس بل تجربة خاضها العراقيون حتى توصلوا الى حلول" مبينا ان "الديمقراطية ليست كبسولة تؤخذ ولا وصفة جاهزة ولكل ديمقراطية اطارها الخاص وظروفها".
وقال "نحن في العراق نبحث عن ديمقراطية تتكيف مع ظروفنا الاجتماعية وهو ما دفعنا لأن نتصارح ونتكاشف على مدى أشهر".
واضاف الحكيم "دعونا ننظر رغم التأخر في تكليف رئيس الحكومة بتشكيلها الى النصف الممتلىء من الكأس فقد أنتجت الاشهر التسعة من الحوار تجربة تعلمنا خلالها كيف نصوغ ديمقراطيتنا ونبني بلدا يشعر الجميع فيه بالثقة رغم التنوع الكبير بين اطيافه وقد تبقى بعض التفاصيل المختلف عليها اذ لا يمكن ان نفكر جميعا بطريقة واحدة بكل الامور".
واوضح ان "علينا الا نخشى من الاختلاف فهو امر طبيعي ولكن ما نخشاه هو الفرقة والخلاف الذي لا توجد آلية لاحتوائه" مضيفا ان "ما يزيدنا اطمئنانا ان مرجعية الجميع اليوم هي الدستور وان اختلفوا حول تفسير بعض مواده".
واشار الى تأكيد الجميع "التزامهم بالدستور الذي كان في يوم من الايام موضع خلاف لكن ولله الحمد هناك توافق حوله وحتى ان وجدت أفكار لتعديله فالمطالبة بالتعديل تكون من خلال آليات الدستور نفسه وهذا بحد ذاته انجاز".
وتعليقا على اعلان رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البرزاني تأكيده حق الاقليم في تقرير المصير قال "ان كلام البرزاني منطقي جدا والحديث عن مسألة لا يعني اتخاذ خطوات لتطبيقها فعندما نتحدث عن الطلاق ومفاعيله شيء وعندما نطبقه شيء آخر".
واستذكر الحكيم دور حزبه في الدفاع باتجاه الحوار الوطني الذي اثمر تشكيل الحكومة قائلا "كنا اصحاب فكرة المبادرة التي دعا اليها الرئيس البرزاني في اربيل واقترحنا حينها جلوس الفرقاء على طاولة مستديرة وهذا ما تم وجاء الحل على الطاولة".
وردا على احتمال ان يطالب جنوب العراق بنظام فيدرالي على غرار اقليم كردستان قال الحكيم "اتوقع الا يحصل ذلك" في اشارة الى ان ثمة ثقة بشراكة حقيقية بين مكونات المجتمع العراقي. وأكد اهمية التوافق السياسي وانعكاسه الايجابي على الاستقرار الامني وقال ان الثقة تولد الاستقرار اذا استندت الى شراكة حقيقية "وكلما تكاتفنا تراجعت معدلات الجرائم الارهابية".
واضاف ان "هذا لا يعني ان السياسيين متورطون في تلك الجرائم بل يعني ان الصراع السياسي يولد بيئة خصبة للارهاب بينما ينتج الاستقرار السياسي استقرارا امنيا".
وعن ما يثار حول وجود دور اقليمي كبير في تشكيل الحكومة العراقية قال الحكيم "من الطبيعي ان تحاول الدول التي لها مصالح في العراق التأثير عليه .. لكن الحل يكون في اتفاق المسؤولين العراقيين واتحاد كلمتهم وخطابهم امام الخارج في انهم هم المعنيون بالشؤون الداخلية للبلاد والقادرون على ادارتها". وشدد في هذا الصدد على ضرورة ان يوسع العراق رؤاه لمعالجة مشاكله "وعندما ننظر بشمولية الى المشاكل بأبعاد اقليمية اي على اساس المصالح التجارية والحضارية والثقافية والامنية المشتركة مع دول المنطقة يتحول العنصر الخارجي من عنصر ضاغط الى عنصر دائم لوحدة العراق وتكون التعددية العراقية جسرا لربط الدول بعضها ببعض".
واضاف انه "في هذه الحالة يكون العراق قادرا على حل مشاكله والمساعدة في تسهيل العلاقات بين دول المنطقة وحل المشاكل بينها وعلى سبيل المثال ايران والدول العربية".
وعن ما يثار في شأن تراجع الحريات المدنية في العراق بما قد يحوله الى نموذج شبيه بنموذج طالبان قال الحكيم "نحن حريصون كل الحرص على ضمان الحريات الشخصية ولكن بالمستوى الذي لا تتعارض فيه مع حريات الاخرين" مؤكدا ان دستور البلاد يضمن الحريات "ولم نفرض الحجاب على أحد".