محليات

الكويت تستذكر مآثر سمو امير البلاد الراحل

الكويت - تعيش الكويت هذه الأيام فرحة احتفالاتها بالذكرى ال 50 للاستقلال ومرور 20 عاما على التحرير والذكرى الخامسة لتولي سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم غير انها لن تنسى مآثر أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الاحمد الجابر الصباح الذي انتقل الى رحمة الله تعالى يوم الاحد الخامس عشر من يناير عام 2006.
بعد أن قضى في سدة الحكم اكثر من 28 عاما احب فيها الكويت وأهلها حبا خالصا فبادلته الحب والاخلاص وكان وفيا لامانيها وتطلعات شعبها فبادلته الوفاء والولاء وبقي رحمه الله يتحمل الاعباء والمسؤوليات طوال فترة حكمه التي امتدت منذ آخر يوم في عام 1977 وحتى يوم وفاته.
لقد بذل الامير الراحل كل جهده من اجل تقدم وازدهار ورفعة الوطن رغم الظروف العصيبة التي مرت على البلاد حتى وصلت الكويت في عهده الميمون الى ما وصلت اليه من مكانة محمودة لدى دول العالم واحتلت مكانها اللائق في المجال الدولي.
والشيخ جابر الاحمد هو الحاكم ال 13 من سلسلة حكام آل الصباح التي اولاها الكويتيون بمحض ارادتهم امانة الحكم عندما اختاروا الشيخ صباح بن جابر الاول لهذه المهمة قبل اكثر من 293 عاما مضى.
ويعد سموه رحمه الله هو الامير الثالث في عمر الدولة الدستورية التى بدأت بتوقيع المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح على وثيقة الدستور يوم 11 نوفمبر 1962 معلنا بذلك دخول الكويت عهدا جديدا ومرحلة جديدة.
وكان رحمه الله تقلد مهام منصبه اميرا للبلاد في اعقاب وفاة سلفه المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح الذي انتقل الى جوار ربه مع الساعات الاولى لليوم الاخير من العام 1977.
واستطاع الشيخ جابر خلال الاعوام ال 28 التي قضاها في سدة الحكم ان يوثق ويزيد من العلاقة العفوية الوثيقة بين الحاكم وشعبه وذلك من خلال الرعاية الابوية التي خص بها سموه ابناءه المواطنين بمختلف فئاتهم على اساس المساواة الكاملة بين الجميع شبابا وشيبا رجالا ونساء واطفالا.
وشهدت سنوات حكم الشيخ جابر الاحمد كثيرا من الصراعات والاحداث في المنطقة وكان الشغل الشاغل لسموه اهل الكويت حتى اثناء المحاولة الدنيئة لاغتياله التي جرت في 25 مايو 1985 على يد عصابة من الارهابيين فقد وجه بعدها كلمة لشعبه قال فيها "ان عمر جابر الاحمد مهما طال الزمن هو عمر انسان يطول او يقصر ولكن الابقى هو عمر الكويت والاهم هو بقاء الكويت والاعظم هو سلامة الكويت".
وفي عهد سمو الشيخ جابر الاحمد تطورت الكويت في مختلف المجالات وفي جميع مناحي الحياة واصبح لها ثقلها الدولي سياسيا واقتصاديا رغم صغر مساحتها وقلة عدد سكانها حيث وصلت مشروعاتها التنموية ومساعداتها الانسانية الى مختلف قارات العالم.
وجاء الاحتلال العراقي الغاشم في الثاني من اغسطس 1990 ليهدم كل ما بني في الكويت. وكما قاد الشيخ جابر الاحمد الكويت في السلم دافع عنها في الحرب وكله ايمان بأن الكويت سترجع لأهلها واستطاع بفضل من الله ثم بحنكته وتعاون ومساعدة رفيق دربه الامير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه وسمو امير البلاد الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه ثم الاشقاء والاصدقاء تحرير الكويت من دنس الاحتلال.
وبفضل سياسة سموه الحكيمة عادت الكويت الى اهلها لتنهض وتواصل مسيرة الخير والعطاء من جديد وتبني وتعمر ما دمره العدوان.
وأدى سموه دورا بارزا على الصعد الخارجية اقليميا وعربيا واسلاميا ودوليا وهو دور مشهود لمسته الشعوب قبل القيادات في صورة انجازات لا تنكر.
وجاءت فكرة انشاء مجلس التعاون الخليجي لتضم دول الخليج الست احدى علامات وسمات اهتمامات سموه رحمه الله بالجانب الاقليمي المحيط بالكويت بصورة خاصة وبدول الخليج العربي بصورة عامة.
وهكذا ولد مجلس التعاون الخليجي بفكرة كويتية خالصة نابعة من قناعة سموه بأن العصر القادم هو عصر التكتلات التي تعتبر ركيزة اساسية من ركائز المجتمع الدولي.
وكثيرا ما يشدد الشيخ جابر الاحمد رحمه الله في مناسبات مختلفة على ان مجلس التعاون اصبح رمزا للترابط والتماسك والمصير الواحد المشترك.
ورغبة من سموه في ان تكون قرارات مجلس التعاون منسجمة مع تطلعات المواطنين اقترح سموه فكرة انشاء مجلس استشاري من 30 عضوا من مواطني الدول الست الاعضاء في المجلس في قمة الدوحة عام 1996 تكون مهمته تقديم النصح والمشورة والرأي للمجلس الاعلى لمجلس التعاون الذي يعد السلطة العليا حيث يحيل ما يراه من القضايا لهذا المجلس الاستشاري.
وحرص الشيخ جابر الأحمد على المشاركة الايجابية في مؤتمرات القمة العربية مساهما بما تجود به الكويت من دعم لقضايا الامة العربية وعلى رأسها قضية فلسطين والسلام في الشرق الاوسط.
واهتم الشيخ جابر الاحمد اهتماما بالغا بقضايا الامة الاسلامية على اختلافها وتباينها فاستضاف قادة دول العالم الاسلامي في الكويت في يناير عام 1987 حيث عقد مؤتمر القمة الاسلامي الخامس.
وامام الجمعية العامة للامم المتحدة فى دورتها ال 43 في سبتمبر 1988 وانطلاقا من رئاسة الكويت لمنظمة المؤتمر الاسلامي ألقى سمو الامير الراحل خطابا تاريخيا امام الدورة باسم مليار مسلم في العالم بصفته رئيسا للمنظمة واقترح سموه فيه مشروعا من ثلاثة بنود لتخفيف معاناة الدول النامية المثقلة بالديون الخارجية التي تستغلها دول الشمال المتقدمة كوسيلة ضغط على دول الجنوب الفقيرة.
ودعا سموه الى قيام نظام اقتصادي وانساني جديد والى مقاومة الارهاب مع ضرورة التفريق بين الارهاب الظالم فرديا كان او جماعيا وحكوميا وبين الحق المشروع في الدفاع عن النفس والوطن باعتباره حقا شرعته القوانين الدولية.
وهكذا كان سموه مثالا للمسلم الذي يهتم بأمور المسلمين ويسعى بكل جهد اوتي لنصرتهم ورفع الضرر عنهم.
اما على الصعيد الدولي فلم يكن سمو الشيخ جابر الاحمد اقل نشاطا واهتماما بهذا الجانب الذي يشمل التعاون مع دول العالم من خلال الجمعية العامة للامم المتحدة التي حرص سموه على حضور اجتماعاتها من منطلق انه مكان تجتمع فيه الدول على قدم المساواة وتسعى متآزرة لاقامة الحق والعدل ونصرة النظام والامن وتحقيق الخير والسلام.
وكان الشيخ جابر الأحمد مع شعبه في تواصل دائم وتراحم مستمر يزورهم ويزورنه ويسعى اليهم في ملتقياتهم واماكن اعمالهم حيث اعتاد سموه زيارة دواوين الرعيل الاول وكبار السن في شهر رمضان المبارك من كل عام يتبادل معهم الاحاديث الودية التي تربط الراعي برعيته وتعضد الروابط الوشيجة بينهم.
وكذلك الحال في زياراته المستمرة الى المقاهي الشعبية واتحاد الصيادين وديوانية القلاليف وديوانية شعراء النبط للاطلاع عن قرب على احوالهم.
وحرص الشيخ جابر الاحمد على رعاية المؤسسات العلمية في الكويت فهو كان يرأس مجلس ادارة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وكان يستقبل ويكرم وفود المتفوقين من الطلبة والطالبات حرصا منه على دعم العلم وصون المنابر العلمية.
وكان يرعى مؤسسات العمل الاجتماعي كجمعية المكفوفين ونادي المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة ليبرز الوجه الحضاري للكويت.
وأولى ابناء الشهداء والاسرى اهمية كبرى حيث حرص سموه على توفير الحياة الكريمة لهم ولذويهم من خلال تقديم كل مساعدة مادية لهم وضمان مستقبلهم من خلال انشاء (مكتب الشهيد).
وكان يؤكد في الكثير من المناسبات ان قضية الاسرى تعتبر قضية الكويت الاولى حيث قام بطرحها امام العالم كقضية انسانية بالدرجة الاولى.
ومن عادة سموه كما هو شأن الكويت حكومة وشعبا الا تنسى من يقف الى جانبها وقت الشدائد والمحن وسمو الشيخ جابر لم تمر مناسبة الا أشار فيها الى الوقفة المشرفة لدول التحالف اثناء الاحتلال العراقي الغاشم للكويت التي كشفت معدنهم الاصيل فوقفوا الى جانب الكويت وقيادتها الشرعية مؤيدين لتحرير ارضها وعودة أميرها وحكومتها واهلها.
وفي عام 1995 اختير الشيخ جابر الأحمد رحمه الله شخصية العام الخيرية العالمية بالاجماع ودون منافس في اضخم استطلاع للرأي فى المنطقة بمشاركة خمسة ملايين مواطن عربي اجرته مؤسسة اعلامية دولية مسجلة في لندن ومقرها القاهرة وهي (مؤسسة المتحدون للاعلام والتسويق البريطانية).
وذكر الاستطلاع ان قرار اختيار سموه لشخصية العام 1995 الخيرية جاء لما قدمه من دعم مالي للكثير من المنظمات العالمية التي ترعى الفقراء حيث ساهم سموه بأمواله الخاصة في الانفاق على مشروعات خيرية ورعاية المحتاجين كما قام بدعم دور الايتام في الكويت وتقديم كل ما تحتاج اليه من عون ورعاية.
وجاء اختياره ايضا لما عرف عنه من كرم وبذل وعطاء على مستوى الامتين العربية والاسلامية فقد كان سمو الشيخ جابر الأحمد داعما للاعمال الخيرية والانسانية ماديا ومعنويا فهو الذي رعى مسيرة احياء سنة الوقف بانشاء الامانة العامة للاوقاف عام 1993 لتتولى الوقف في الكويت وتدعو له وتربطه بحاجات الانسان والمجتمع وفق الشريعة الاسلامية والمعروف عن سموه انه سباق لعمل الخير ومؤمن بجدواه دون مباهاة ولا ابتغاء ثناء الناس لانه كان يعطي ويحب الاحسان والمحسنين.
وحرص الشيخ جابر الأحمد على المحافظة على التاريخ والتراث الكويتي فالتراث كما يراه سموه هوية هذه الارض وتاريخ الاباء والاجداد وتفاعلات الزمن فوق تراب الوطن منذ نشأته.
لهذا كان سموه يؤكد ضرورة الحفاظ على معالم هذا التراث وملامح هذا التاريخ .
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى