فلورنسا / ايطاليا – احتفلت مدينة فلورنسا الايطالية ومحافظتها واقليم توسكانا بالذكرى ال20 لانطلاق جمعية الصداقة الايطالية - الكويتية واتفاقية التآخي مع مدينة الكويت معربة عن تطلعها الى تعزيز جسور التعاون.
واستضافت المدينة بهذه المناسبة احتفالا عاما في قصر (ميدتشي ريكاردي) أقدم وأهم قصور عصر النهضة الاوروبي بمشاركة القائم بأعمال السفارة الكويتية وسط قيادات وشخصيات محلية واقليمية وبرلمانية وأوروبية وحضور كثيف من الشخصيات والجمهور.
وشارك في الاحتفال سفير دولة الكويت الشيخ جابر دعيج الابراهيم الصباح والقائم بالاعمال المستشار عيادة السعيدي بجوار رئيس الجمعية وصاحب مبادرة تأسيسها بييرأندريا فاني مع رئيس محافظة فلورنسا أندريا باردوتشي ورئيس مجلس اقليم توسكانا ألبيرتو مواناتشي.
وترأس عمدة فلورنسا السابق جورجو مورالس الندوة المقامة في اطار الاحتفال بعنوان تاريخ من التضامن والصداقة .. 20 عاما من الالتزام اذ كان العمدة السابق قد وقع اتفاقية التآخي بين عاصمة النهضة ومدينة الكويت التي كانت تحت الاحتلال في مبادرة فريدة لتأكيد استقلال الكويت وحريتها.
وشارك في أعمال الندوة التي لقيت اهتماما اعلاميا ملحوظا رئيس المجلس النيابي بالمدينة ووزير ثقافتها السابق اوجينو جاني ونائب رئيس المؤتمر البرلماني لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ريكاردو ميليوري العضوان المؤسسان في جمعية الصداقة واستاذ قسم التاريخ المعاصر والعالم البارز البروفيسور بيير لويجي بالليني الذي ألقى محاضرة قيمة عن أهمية ومكانة الكويت على المسرحين الاقليمي والعالمي.
وشدد عمدة فلورنسا السابق على مساهمة جمعية الصداقة الكبيرة التي نهضت تلقائيا للتضامن مع شعب الكويت ودولته خلال الأزمة في حشد الرأي العام الايطالي والدعم السياسي للقضية الكويتية اذ شهدت ارسال ايطاليا قواتها العسكرية لأول مرة خارج أراضيها للمشاركة في معركة تحرير الكويت.
واشار الى الاثر الاستثنائي لقضية الكويت والتضامن معها في تجاوز الخلافات والانقسامات السياسية التي كانت تميز الواقع الايطالي معتبرا مبادرة تآخي مدينة فلورنسا مع الكويت التي ضمها الدكتاتور العراقي صدام حسين عملا غير مسبوق يبقى متميزا في تاريخ المدينة.
ومن جهته أكد رئيس محافظة فلورنسا أندريا باردوتشي اعتزاز فلورنسا لكونها عروة رئيسية في علاقات الصداقة الراسخة بين ايطاليا والكويت.
ولفت الى الانطلاقة الكبيرة التي شهدتها هذه العلاقات على ضوء الزيارة التاريخية لحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح أمير الكويت في مايو الماضي بعد زيارة قام بها رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح.
واعرب باردوتشي الذي اجتمع بالقائم بالأعمال الكويتي المستشار عيادة السعيدي عن استعداد محافظة فلورنسا التي تعد أحد أهم مراكز الصناعة والخدمات والخبرة الايطالية المتميزة المساهمة في مشروعات التنمية الواسعة التي تشهدها دولة الكويت عبر الشركات والمؤسسات.
واشاد نائب رئيس المؤتمر البرلماني بمنظمة الأمن والتعاون ريكاردو ميليوري بجهود الجمعية وسجل انجازاتها المتعددة الهادفة لتعميق جذور الصداقة والتقارب بين البلدين والربط بين أوروبا والعالم العربي والخليج.
واضاف ان هدف الجمعية ينسجم مع نزعة فلورنسا التي بلورها عمدتها وأحد علامات الفكر السياسي الايطالي والغربي الذي يعد اول من شدد على أهمية مد جسور الحوار والتعاون بين بلدان المتوسط.
واوضح ميليوري ان فلورنسا كانت محور المفاوضات السرية بين الحكومة الفرنسية وجبهة تحرير الجزائر بمشاركة الحكومة الايطالية التي مهدت لحصول الجزائر على استقلالها ونهاية الاستعمار مشددا على اهمية فلورنسا السياسية ومكانتها الفريدة في الحضارة الأوروبي والعالم.
واستذكر جهود الجمعية التي قامت ليس كأداة للصداقة مع الشعب الكويتي ولكنها ولدت قبل ذلك بهدف الدفاع عن الشرعية الدولية وعن الاستقلال والحرية مشيرا الى دورها المؤثر في مساندة قضايا الكويت عبر هذه السنوات بشكل خاص في قضية الأسرى التي حشدت لها كافة أنواع الدعم داخل الرأي العام وفي البرلمان الايطالي والأوروبي حتى بلغت الجمعية العامة للأمم المتحدة ودولة الفاتيكان.
وقال مليوري الذي أجرى لقاء جانبيا مع القائم بالأعمال المستشار السعيدي ان التوأمة بين مدينتي فلورنسا والكويت هي توأمة من نوع خاص قائمة على التعاون الثقافي والاقتصادي ومشاطرة نفس الرؤية للقيم والحقوق الأساسية للانسان.
ودعا الى رؤية ما أحرزته الجمعية بدأب خلال هذين العقدين والنظر الى الدور الكبير الذي يمكن أن تنهض به نحو مستقبل أوثق ومثمر في العلاقات بين ايطاليا والكويت.
من جهته استعرض البروفيسور بيير لويجي بالليني الاطار التاريخي والسياسي لقضية الكويت قبل وبعد الاحتلال وانعكاساتها الجوهرية على الرؤى والمفاهيم السائدة في العلاقات الدولية.
واوضح ان قضية الكويت دفعتنا الى اعادة التفكير وتدبر حدود الحرية والنظر باهتمام مختلف تماما الى تاريخ الكويت ما أتاح للرأي العام والأوساط السياسية والحكومية والبرلمانية والمنظمات الدولية في العالم فهم أفضل ليس لتاريخ الكويت والشرق الأوسط وكذلك لمسألة النفط واهمية الكويت برغم صغره البارزه في السياق العالمي.
وقال البروفيسور بالليني أن قضية احتلال وتحرير الكويت وقيام التضامن الذي بلورته جمعية الصداقة شد الانتباه لأسباب أخرى ثقافية وسياسية أيضا منذ اعتماد الدستور عام 1962 وقيام البرلمان النيابي في الكويت المنتخب للمرة الأولى عام 1963 وتحديات هذه التجربة المتفردة في المنطقة.
واشار الى تنامي حضور الكويت الهام على الساحة الدولية منذ انضمامها عام 1963 الى عضوية الأمم المتحدة وهو نفس العام الذي أعاد العراق الاعتراف بدولة الكويت داخل حدودها وما لذلك من انعكاسات هامة لا تنحصر فقط في المنطقة وفي الخليج بل وسائر منطقتي الشرق الأدنى والأوسط.
ولفت الى نشاط الكويت الاستثنائي على صعيد التعاون ما يعكسه الحجم الهائل والمدهش للمساعدات والمنح التي تعكس سياسة حسن النوايا وسياسة حثيثة لنسج علاقات صداقة على أسس ملموسة في العالم الاسلامي وبين الدول العربية.
واعتبر البروفيسور بالليني أن الغزو العراقي لم يكن مبررا ولا متوقعا مستعرضا ملف الأزمة والتحرش العراقي حتى الغزو والاحتلال ثم حرب التحرير التي كانت في الحقيقة معركة لرفع راية الحق والحرية والتشديد على مبادئها في العلاقات الدولية.
وقال أن حرب تحرير الكويت كانت مفصلية على أصعدة مختلفة وأول حرب تشارك فيها ايطاليا وادت الى انشاء جمعية الصداقة الايطالية - الكويتية التي تمكنت خلال السنوات الماضية من بلورة موقف ايطالي متوافق ومبدئي فريد في السياسة الايطالية اذ تعد اتفاقية التوأمة بين فلورنسا ومدينة الكويت احدى أبرز ثماره.
ومن جانبه نقل القائم بالأعمال في سفارة الكويت المستشار عيادة السعيدي الذي التقى أعضاء الجمعية تحية سفير دولة الكويت الشيخ جابر دعيج الابراهيم الصباح وقيادات الكويت وحكومتها الى مدينة فلورنسا ومحافظتها واقليم توسكانا شاكرا الجمعية على جهودها بدعم القيادات السياسية والالتفاف الشعبي الذي انطلق من فلورنسا البديعة ولم يتوقف طوال 20 عاما لا تنقطع لتوطيد الصداقة والتعاون نحو الكويت.
وأكد السعيدي على المدلول الخاص لانطلاق أول مبادرة شعبية للتضامن مع الكويت والدفاع عن حقها واستقلالها وكرامة شعبها المحب للسلام ازاء الغزو الغادر من مدينة فلورنسا مهد عصر النهضة والحضارة الأوروبية وهو ما كان له الأثر العميق على الروح المعنوية لشعب الكويت وصموده.
وأشاد بمبادرة مؤسس الجمعية وصديق الكويت الأول بيار أندريا فاني ومع الجمعية من خلال هذا الموقف الذي أبرز الوجه الحضاري والانساني الأصيل لايطاليا وعلى مكانتها الخاصة داخل أوروبا ودورها المستمر في التواصل بين مختلف الحضارات والثقافات ومنها الحضارة العربية والتي كانت فلورنسا في أوجها نقطة تقاطع وبؤرة أساسية للاشعاع الثقافي.
وقال ان زيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الهامة في مايو الماضي ومن قبلها زيارة سمو الشيخ ناصر المحمد الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء على رأس وفد حكومي رفيع مثلت نقطة عالية في مسيرة علاقات الصداقة الكويتية الايطالية الوطيدة التي ترسخت حول قيم السلام والتسامح والتعاون ما يفتح أبواب مرحلة جديدة واعدة من التعاون الواسع.
وأشار الى أن الكويت التي تجاوزت مرحلة الأزمة تشهد نهضة تنموية واسعة برؤية طموحة لتتبوأ دورها ومكانتها الطبيعية كنقطة ارتكاز وتلاق على رأس الخليج العربي في أحد أهم مناطق العالم حيث اعتمدت الحكومة برامج شاملة في كافة القطاعات.
وفي هذا الصدد أكد ان الكويت التي تنظر باعجاب واهتمام خاص الى النموذج الايطالي للتنمية ولدور ايطاليا ومكانتها المقابلة في قلب المتوسط وأوروبا تنتظر وترحب باسهام الخبرة والشركات الايطالية المتميزة للمشاركة في جهود ومشروعات التنمية وتوسيع التبادل الثقافي والسياحي بين البلدين متوقعا أن تمثل فلورنسا واقليم توسكانا نقطة انطلاق في هذه المرحلة الجديدة الواعدة.
واختتم السعيد تصريحه بالدعوة الى النظر سويا من مدينة فلورنسا ذات المكانة البارزة في تاريخ ايطاليا وأوروبا وما تحظى به من مكانة هامة وخاصة في قلوب جميع الكويتيين الى المستقبل بتفاؤل وطموح مستندين على أسس متينة ترسخت خلال عشرين عاما من التضامن والصداقة.
وفي كلمته عبر رئيس الجمعية بيار أندريا فاني الذي شكر جميع الجهات التي أسهمت طوال عشرين عاما طويلة في نجاح مبادرات الجمعية وعملها الدؤوب عن اعتزازه العميق بهذه التجربة الاستثنائية لافتا الى خصوصية جمعية الصداقة التي لم تولد كغيرها من جمعيات الصداقة لتفضيل المصالح المشتركة والتبادل الاقتصادي بل انها ولدت للتضامن مع بلد كان الاحتلال قد أزال دولته من منطلق مبدئي وتعاطف تلقائي يبقى الدافع الأساسي لصداقة حقيقية وأصيلة.
وقال فاني الذي جال بذكرياته على لحظات تاريخية وعزيزة عليه عاشها خلال هذه السنوات نحن هنا دائما مستعدون لتقديم كل الدعم والمبادرة لتوثيق وتطوير الصداقة والتعاون المثمر بين ايطاليا والكويت.